وَفِي سَائِرِ الْعُقُودِ إذَا فَسَدَتْ: تُوجِبُ رَدَّ الْعَيْنِ أَو بَدَلَهَا.
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَد: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُشَارَكَةِ -مِثْلُ الْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا- الْمسَمَّى أَيْضًا؛ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى.
بَل الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْفَاسِدِ قِيمَةُ الْعَيْنِ أَو الْمَنْفَعَةِ مُطْلَقًا (١)؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَو أَمْكَنَ رَدُّهَا أَو رَدُّ مِثْلِهَا لَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِب؛ لَأَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا انْتَفَى: وَجَبَ إعَادَةُ كُلِّ حَقٍّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَالْمِثْلُ يَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ.
أَمَّا إذَا كَانَ الْحَقُّ قَد فَاتَ؛ مِثْلُ الْوَطْءِ فِي النِّكاحِ الْفَاسِدِ، وَالْعَمَلِ فِي الْمُؤَاجَّرَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْغَبْنِ فِي الْمَبِيعِ: فَالْقِيمَةُ لَيْسَتْ مِثْلًا لَهُ.
وَإِنَّمَا تَجِبُ (٢) فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: كَالْمُتْلَفِ وَالْمَغْصُوبِ الَّذِي تَعَذَّرَ مِثْلُهُ؛ لِلضَّرُورَةِ؛ إذ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُوجَدُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ مِن الْقِيمَةِ (٣)، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْعَدْل الْمُمْكِن، كَمَا قُلْنَا مِثْل ذَلِكَ فِي الْقِصَاصِ وَدِيَةِ الْخَطَأِ وَأَرْشِ الْجِرَاحِ، وَاعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ بِتَقْوِيمِ النَّاسِ؛ إذ لَيْسَ هُنَاكَ مُتَعَاقِدَانِ تَرَاضَيَا بِشَيْء، وَأَمَّا هُنَا فَقَد تَرَاضَيَا بِأَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى بَدَلًا عَن الْعَيْنِ أَو الْمَنْفَعَةِ، وَالنَّاسُ يَرْضَوْنَ لَهَا بِبَدَلٍ آخَرَ، فَكَانَ اعْتِبَارُ تَرَاضِيهِمَا أَوْلَى مِن اعْتِبَارِ رضى النَّاسِ. ٢٩/ ٤٠٦ - ٤١٠
٤٠٤٣ - قَاعِدَةٌ فِي الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ: وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو:
أ- إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ يَعْتَقِدُ الْفَسَادَ وَيَعْلَمُهُ.
(١) بل يجب ردّ العين نفسِها أو مثلها عند عدمها أو تلفها.
(٢) أي: القيمة.
(٣) فالقاعدة أنه إِذَا تَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ أوَ مِثْلِهَا: رُدَّت الْقِيمَةُ بِالسِّعْرِ وَقْتَ الْقَبْضِ لا وقت التلف ونحوه، كما قاله الشيخ رحمه الله. (٢٩/ ٤١٤)، وهو الذي رجحه العلَّامة ابن عثيمين رحمه الله كما في الشرح الممتع (٨/ ٣٥١).