حَتَّى لَو صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِأَنَّ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَهْوَاهُ وَمَا يَرَاهُ مُطْلَقًا: لَمْ يَكُن هَذَا الشَّرْطُ صَحِيحًا؛ بَل كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللهِ، "وَمَن اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِن كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ" (١).
وَعَلَى النَّاظِرِ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ وَجَبَ اتِّبَاعُهَا، وَإِن ظَهَرَ أَنَّهَا مَفْسَدَةٌ رُدَّتْ، وَإِن اشْتَبَهَ الْأَمْرُ وَكَانَ النَّاظِرُ عَالِمًا عَادِلًا سُوِّغَ لَهُ اجْتِهَادُهُ. ٣١/ ٦٧ - ٦٩
٤١٢٤ - يَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي مَصْرِفِهِ، فَيُقَدِّمُ الْأَحَقَّ فَالْأَحَقَّ.
وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الشَّرْعِيَّةَ اقْتَضَتْ صَرْفَهُ إلَى ثَلَاثَةٍ؛ مِثْل أَنْ لَا يَكْفِيَهُم أَقَلُّ مِن ذَلِكَ: فَلَا يُدْخِلُ غَيْرَهُم مِن الْفُقَرَاءِ.
وَإِذَا كَفَاهُم وَغَيْرهُم مِن الْفُقَرَاءِ: يُدْخِلُ الْفُقَرَاءَ مَعَهُم وَيُسَاوِيهِمْ مِمَّا يَحْصُلُ مِن رِيعِهِ، وَهُم أَحَقُّ مِنْهُ عِنْدَ التَّزَاحُمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَقَارِبُ الْوَاقِفِ الْفُقَرَاءِ أَوْلَى مِن الْفُقَرَاءِ الْأَجَانِبِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْحَاجَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهِ كِفَايَتَهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَن هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ.
وَإِذَا قُدِّرَ وُجُودُ فَقِيرٍ مُضْطَرٍّ: كَانَ دَفْعُ ضَرُورَتِهِ وَاجِبًا، وَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِتَنْقِيصِ كِفَايَةِ أُولَئِكَ مِن هَذَا الْوَقْفِ مِن غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَحْصُلُ لَهُم تَعَيَّنَ ذَلِكَ. ٣١/ ٩٠ - ٩١
* * *
(١) رواه البخاري (٢١٥٥)، ومسلم (١٥٠٤).