وَالْمَقْصُودُ: إجْرَاءُ الْوَقْفِ عَلَى الشُّرُوطِ الَّذِي يَقْصِدُهَا الْوَاقِفُ، وَلهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَ نُصُوصَهُ كَنُصُوصِ الشَّارعِ، يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ.
وَمَن كَشَفَ أَحْوَالَ الْوَاقِفِينَ عَلِمَ أَنَّهُم يَقْصِدُونَ هَذَا الْمَعْنَى؛ فَإِنَّهُ أَشْبَهُ بِالْعَدْلِ، وَنِسْبَةُ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ إلَى الْوَاقِفِ سَوَاءٌ، فَلَيْسَ لَهُ غَرَضٌ فِي أَنْ يُعْطِيَ ابْنَ هَذَا نَصِيبَيْنِ أَو ثَلَاثَة لِتَأَخُّرِ مَوْتِ أَبِيهِ، وَأُولَئِكَ لَا يُعْطَوْنَ إلَّا نَصِيبًا وَاحِدًا.
فَكَيْفَ يُقَدَّمُ مَن هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْحَاجَةِ إلَى مَن هُوَ أَبْعَدُ عَنْهَا، وَهُمَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ وَإِلَى الْمَيِّتِ صَاحِبِ النَّصِيبِ -بَعْدَ انْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ- سَوَاءٌ؟
وَهُوَ كَمَا لَو مَاتَ صَاحِبُهُ آخِرًا، وَلَو مَاتَ آخِرًا: اشْتَرَكَ جَمِيعُ الْأَوْلَادِ فِيهِ.
بَل هَذَا يَتَنَاوَلُهُ قَوْلُ الْوَاقِفِ: إنْ تُوُفِّيَ وَلَمْ يَكن لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ: كَانَ نَصِيبُهُ مَصْرُوفًا إلَى مَن هُوَ فِي دَرَجَتِهِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُن لَهُ أَخٌ وَلَا أُخْت وَلَا مَن يُسَاوِيه فِي الدَّرَجَةِ: فَيَكُونُ نَصِيبُهُ مَصْرُوفًا إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ، وَكُلُّهُم فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ سَوَاءٌ. ٣١/ ٩٦ - ٩٩
٤١٢٩ - وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَدُ ابْنُ تَيْمِيَّة رَحِمَهُ اللهُ،: عَن وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ دَائِمًا مَا تَنَاسَلُوا، عَلَى أَنَّهُ مَن تُوُفِّيَ مِنْهُم عَن غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ: كَانَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ عَلَى مَن فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ.
فَإِذَا تُوُفِّيَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِم عَن وَلَدٍ، أَو وَلَدِ وَلَدٍ، أَو نَسْلٍ أو عَقِبٍ لِمَن يَكُونُ نَصِيبُهُ؟ هَل يَكُونُ لِوَلَدِهِ، أَو لِمَن فِي دَرَجَتِهِ مِن الْإِخْوَةِ وَبَنِي الْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ؟
فَأَجَابَ (١): نَصِيبُهُ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ دُونَ إخْوَتِهِ وَبَنِي عَمِّهِ: لِوُجُوهِ مُتَعَدِّدَةٍ
(١) يظهر أن جواب الشيخ كان ردًّا على فتوى خاطئة، ويدل على ذلك إطالة الشيخ في تقرير الجواب، والتفصيل الطويل جدًّا، فقد وقعت الفتوى في ثمانين صفحة!!
ذكر فيها وجوهًا في الإعراب واللغة، وقواعد في الأصول والاستدلال.
بل صرح بذلك في قوله: وَإِنمَا نَشَأَ غَلَط الغالط مِن حَيْثُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِيهِ عُمُومٌ =