لَا لِلْوَكيلِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، بِخِلَافِ الْمِلْكِ فِي غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ: فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيّ وَأحْمَد وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ لَهُ، فَلَو وَكَّلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ لَمْ يَجُزْ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ يَحْصُلُ لِلزَّوْجِ وَهُوَ الْمُوَكِّلُ لِلْمُسْلِمِ: فَتَوْكِيلُ الذِّمّيِّ بِمَنْزِلَةِ تَوَكُّلِهِ فِي تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ بَعْضَ مَحَارِمِهَا كَخَالِهَا؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ فِي قَبُولِ نِكَاحِهَا لِلْمُوَكِّلِ، وَإِن كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُهَا؛ كَذَلِكَ الذِّمِّيُّ إذَا تَوَكَّلَ فِي نِكَاحِ مُسْلِمٍ وَإِن كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُ الْمُسْلِمَةِ.
لَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَلَّا يَفْعَلَ ذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِن النِّزَاعِ (١)؛ وَلِأَنَّ النِّكاحَ فِيهِ شَوْبُ الْعِبَادَاتِ (٢).
وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُهُ فِي الْمَسَاجِدِ.
وَلهَذَا وَجَبَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَذْهَبُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ أَنْ يُعْقَدَ بِالْعَرَبِيَّةِ كَالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ مُتَوَلِّيًا نِكَاحَ مُسْلِمٍ، وَلَكِنْ لَا يَظْهَرُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى بُطْلَانِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، وَالْكَافِرُ يَصِحُّ مِنْهُ النِّكَاحُ، وَلَيْسَ هُوَ مِن أَهْلِ الْعِبَادَاتِ. ٣٢/ ١٧ - ١٨
* * *
حكم المريض الذي تزوج في مرضه
٤٣٥٠ - نِكَاحُ الْمَرِيضِ صَحِيحٌ، تَرِثُ الْمَرْأَةُ فِي قَوْلِ جَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا مَهْرَ الْمِثْلِ، لَا تَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ
(١) جعل الشيخ النزاع معتبرًا، وذلك لقوة القول الآخر، ولعدم الدليل الصريح في المسألة، فأما إذا كان هناك دليل فلا مجال للتحريم أو التحليل مراعاة للخلاف.
(٢) أي: جانب من التعبد لله بامتثال أمره في النكاح.