عَلَى ذَلِكَ بِالاِتِّفَاقِ (١). ٣٢/ ١٩
* * *
(إجْبَارُ الْأَبِ لِابْنَتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ عَلَى النِّكَاحِ)
٤٣٥١ - أَمَّا إجْبَارُ الْأَب لِابْنَتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ عَلَى النِّكَاحِ: فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أحْمَد:
أَحَدُهُمَا: أَنهُ يُجْبِرُ الْبِكْرَ الْبَالِغَ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
والثَّافى: لَا يُجْبِرُهَا كمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ (٢).
وَالنَّاسُ مُتَنَازِعُونَ فِي مَنَاطِ الْإِجْبَارِ: هَل هُوَ الْبَكَارَةُ، أَو الصِّغَرُ، أَو مَجْمُوعُهَا، أَو كُلٌّ مِنْهُمَا؟ عَلَى أرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.
وَالصَّحِيحُ: أَنَّ مَنَاطَ الْإِجْبَارِ هُوَ الصِّغَرُ، وَأَنَّ الْبِكْرَ الْبَالِغَ لَا يُجْبِرُهَا أَحَدٌ عَلَى النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهُ قَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيح" (٣) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلَا الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ (٤)، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي،
(١) وقال الشيخ: فيمَن شَهِدَ أَنَّ خَالَ المرأة هو أخُوهَا، وَأَنَّ أبَاهَا مَاتَ وزوجها: هُوَ شَاهِدُ زُورٍ يَجِبُ تَعْزِيرُهُ وَيُعَزَّرُ الْخَالُ، وَإن كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ، وَيَجُوزُ أنْ يُزَوِّجَهَا الْأبُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. اهـ. (٣٢/ ١٩)
وأفتى في امْرَأةٍ ذَهَبَتْ إلَى الشُّهُودِ وَغَيَّرَت اسْمَهَا وَاسْمَ أبِيهَا: أنها تُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا، وَلَو عَزَّرَها ولَيُّ الْأمْرِ مَرَّاتٍ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا.
وَذَلِكَ أنَّ هَذِهِ قَد ادَّعَتْ إلَى غَيْرِ أَبِيهَا وَاسْتَخْلَفَتْ أخَاهَا وَهَذَا مِن الْكَبَائِرِ. اهـ. (٣٢/ ٢٠)
(٢) قال الشيخ في موضع آخر: إِلَّا الصَّغِيرَةُ الْبِكْرُ فَإِنَّ أَبَاهَا يُزَوِّجُهَا وَلَا إذْنَ لَهَا. اهـ. (٣٢/ ٣٩)
(٣) رواه البخاري (٥١٣٦)، ومسلم (١٤١٩).
(٤) قال الشيخ: فَذَكَرَ فِي هَذِهِ لَفْظَ: "الْإِذْنِ" وَفِي هَذِهِ لَفَظَ: "الْأَمْرِ" .. وَذَلِكَ لِأنَّ "الْبِكْرَ" لَمَّا كَانَت تَسْتَحِي أنْ تتَكَلَّمَ فِي أمْرِ نِكَاحِهَا لَمْ تُخْطَبْ إلَى نَفْسِهَا، بَل تُخْطَبُ إلَى وَليِّهَا، وَوَليُّهَا يَسْتَأْذِنُهَا فَتَأْذَنُ لَهُ، لَا تَأْمُرُهُ ابْتِدَاءً، بَل تَأْذَنُ لَهُ إذَا اسْتَأْذَنَهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا. =