فَإِذَا لَمْ تَكُن الْمَرْأَةُ فِرَاشًا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْحَدِيثُ، وَعُمَرُ أَلْحَقَ أَوْلَادًا وُلِدُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهَا لَا تَحِلُّ حَتَّى تَتُوبَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالاِعْتِبَارُ.
وَالْمَشْهُورُ فِي ذَلِكَ آيَةُ النُّورِ قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)} النور: ٣.
وَالَّذِينَ لَمْ يَعْمَلُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ ذَكَرُوا لَهَا تَأوِيلًا وَنَسْخًا:
أَمَّا التَّأْوِيلُ: فَقَالُوا الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ، وَهَذَا مِمَّا يَظْهَرُ فَسَادُهُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ.
أَمَّا أَوَّلًا: فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لَفْظُ نِكَاحٍ إلَّا وَلَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَقْدُ، وَإِن دَخَلَ فِيهِ الْوَطْءُ أيْضًا.
فَأَمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ فَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي كِتَابِ اللهِ قَطُّ.
وَثَانِيهَا: أَنَ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ اسْتِفْتَاءُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي التَّزَوُّجِ بِزَانِيَةٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ سَبَبُ النُّزُولِ خَارِجًا مِن اللَّفْظِ؟
الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: الزَّانِي لَا يَطَأُ إلَّا زَانِيَةً، أو الزَّانِيَةُ لَا يَطَؤُهَا إلَّا زَانٍ؛ كَقَوْلِهِ: الْآكِلُ لَا يَأْكُلُ إلَّا مَأْكُولًا، وَالْمَأْكُولُ لَا يَأْكُلُهُ إلَّا آكِلٌ، وَالزَّوْجُ لَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِزَوْجَةٍ، وَالزَّوْجَةُ لَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا زَوْجٌ، وَهَذَا كَلَامٌ يُنَزَّهُ عَنْهُ كَلَامُ اللهِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الزَّانِيَ قَد يَسْتَكْرِهُ امْرَأَةً فَيَطَؤُهَا فَيَكُونُ زَانِيًا وَلَا تَكُونُ زَانِيَةً، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ قَد تَزْنِي بِنَائِمٍ وَمُكْرَهٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَكُونُ زَانِيًا.
وَقَوْلُ مَن قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} النور: ٣٢ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ.