٤٥٩٤ - وَسُئِلَ -رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى-: عَن امْرَأَةٍ أبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِن جَمِيعِ صَدَاقِهَا (١)، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْهَدَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ؟
فَأَجَابَ: إنْ كَانَا قَد تَوَاطَآ عَلَى أَنْ تَهَبَهُ الصَّدَاقَ وَتُبْرِيهِ عَلَى أَنْ يُطَلّقَهَا فَأَبْرَأَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا: كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا (٢).
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَهَا: أَبْرِئِينِي وَأَنَا أُطَلِّقُك، أَوْ: إنْ أبرأتيني طَلَّقْتُك، وَنَحْو ذَلِكَ مِن عِبَارَاتِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ سَالَ الْإِبْرَاءَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا.
وَأَمَّا إنْ كَانَت أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً لَا تَتَعَلَّقُ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ: فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَلَكِنْ هَل لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي الْإِبْرَاءِ إذَا كَانَ يُمْكِنُ؛ لِكَوْنِ مِثْل هَذَا الْإِبْرَاءِ لَا يَصْدُرُ فِي الْعَادَةِ إلَّا لِأَنْ يُمْسِكَهَا، أَو خَوْفًا مِن أَنْ يُطَلِّقَهَا أَو يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَو نَحْو ذَلِكَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد.
وَأَمَّا إذَا كَانَت قَد طَابَتْ نَفْسُهَا بِالْإِبْرَاءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءً مِنْهَا، لَا بِسَبَب مِنْهُ وَلَا عِوَضٍ: فَهُنَا لَا تَرْجِعُ فِيهِ بِلَا ريبٍ. ٣٢/ ٢٨٦
٤٥٩٥ - وَسُئِلَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: عَن رَجُلٍ. قَالَ لِلزَّوْجِ: إنْ أَبْرَأَتْك امْرَأَتُك تُطَلِّقُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأتَى بِهَا فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: إنْ أبرأتيني مِن كتَابِك وَمِن الْحُجَّةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَانْفَصَلَا، وَطَلَعَ الزَّوْجُ إلَى بَيْتِ جِيرَانِهِ فَقَالَ: هِيَ طَالِق ثَلَاثًا؟
فَأَجَابَ: إذَا كَانَ إبْرَاؤُهَا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ لَيْسَ مُطْلَقًا؛ بَل
(١) أي: صداقها المؤخر، وكان تأخير الصداق شائعًا في الماضي، فهذه المرأة أبرأت زوجها من الصداق المؤخر؛ أي: تنازلت عنه.
(٢) لأنه في حقيقته خلع، ولو لم يُسموا ذلك خلعًا، فالعبرة بالحقيقة لا بالصورة. ولو طلقها بعد ذلك فلا عبرة به؛ لأنه ليس زوجًا لها.