سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِطُ هُوَ الْمَرْأَةَ فِي الرَّجُلِ أَو الرَّجُلَ فِي الْمَرْأَةِ؛ بَل اشْتِرَاطُ الْمَرْأَةِ فِي الرَّجُلِ أَوْكَدُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ مِن أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ.
وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَطَ نَقْصَ الصِّفَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ مِثْل أَنْ يَشْتَرِطَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ أَو عِنِّينٌ أَو الْمَرْأَةُ أَنَّهَا رَتْقَاءُ أَو مَجْنُونَة صَحَّ هَذَا الشَّرْطُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
وَكَذَلِكَ يُجَوِّزُ أَكْثَرُ السَّلَفِ -أَو كَثِيرٌ مِنْهُم- وَفُقَهَاءُ الْحَدِيثِ وَمَالِكٌ -فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ-: أَنْ يَنْقُصَ مِلْكُ الزَّوْجِ، فَتَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْقُلَهَا مِن بَلَدِهَا أَو مِن دَارِهَا، وَأَنْ يَزِيدَهَا عَلَى مَا تَمْلِكُهُ بِالْمُطْلَقِ؛ فَيُؤخَذُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى.
وَالْقِيَاسُ الْمُسْتَقِيمُ فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي عَلَيْهِ أُصُولُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِن فقَهَاءِ الْحَدِيثِ: أَنَّ اشْتِرَاطَ الزِّيَادَةِ عَلَى مُطْلَقِ الْعَقْدِ وَاشْتِرَاطَ النَّقْصِ: جَائِزٌ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ الشَّرْعُ. ٢٩/ ١٧٣ - ١٧٦
* * *
حكم نكاح الشغار
٤٦٠٨ - نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَن نِكَاحِ الشّغَارِ، وَأَبْطَلَهُ الصَّحَابَةُ؛ فَإِنَّهُم أَشْغَرُوا النِّكَاحَ عَن مَهْرٍ، هَذَا هُوَ الْعِلَّةُ فِي نُصُوصِ أَحْمَد الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ (١).
وَعِنْدَ طَائِفَةٍ مِن أَصْحَابِهِ: الْعِلَّةُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِي وَهُوَ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضعِ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّ الْبُضْعَ لَمْ يَحْصلْ فِيهِ اشْتِرَاكٌ؛ بَل
(١) وذكر الشيخ في موضع آخر أنَّ الصَّوَابَ مَذْهَبُ أهْلِ الْمَدِينَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَن أَحْمَد فِي عَامَّةِ أجْوِبَتِهِ، وَعَامَّة أَكْثَرِ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ: أَنَ الْعِلَّةَ فِي إفْسَادِهِ بِشَرْطِ إشْغَارِ النِّكَاحِ عَن الْمَهْرِ، وَأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ بِلَازِم إذَا شُرِطَ فِيهِ نَفْيُ الْمَهْرِ، أَو مَهْرٌ فَاسِدٌ؛ فَإِنَّ اللهَ فَرَضَ فِيهِ الْمَهْرَ، فَلَمْ يَحِلَّ لِغَيْرِ الرَّسُولِ النِّكَاحُ بِلَا مَهْرٍ. اهـ. (٣٤/ ١٢٦)