كلٌّ مِن الزَّوْجَيْنِ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ بِلَا شَرِكَةٍ، وَإِن كَانَ قَد جَعَلَ صَدَاقَهَا بُضْعَ الْأُخْرَى، فَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ لَمْ تَمْلِكْ بُضْعَ الْمَرْأةِ وَلَا يُمْكِن هَذَا؛ فَإِنَّ امْرَأَةً لَا تتَزَوَّجُ امْرَأَةً.
وَلَكِنْ جَعَلَتْ لِوَلِيِّهَا مَا تَسْتَحِقُّهُ مِن الْمَهْرِ، فَوَلِيُّهَا هُوَ الَّذِي مَلَكَ الْبُضْعَ، وَجَعَلَ صَدَاقَهَا مِلْكَ وَليِّهَا الْبُضْعَ وَهِيَ لَمْ تَمْلِكْ شَيْئًا؛ فَلِهَذَا كَانَ شِغَارًا، وَالْمَكَانُ الشَّاغِرُ الْخَالِي، وَشَغَرَتْ هَذِهِ الْجِهَةُ؛ أَيْ: خَلَتْ.
وَمَن أُصْدقَتْ شَيْئًا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا مَا أصْدقَتْهُ: لَمْ يَكُن النِّكَاحُ لَازِمًا، وَأُعْطِيَتْ بَدَلَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَأَوْلَى، "فَإِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوج" (١).
وَمَن الْتَزَمَتْ بِالنّكَاحِ مِن غَيْرِ أَنْ تُحَصِّلَ مَا رَضِيَتْهُ فَقَد الْتَزَمَتْ بِالنِّكَاحِ الَّذِي لَمْ تَرْضَ بِهِ، وَهَذَا خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي النّكَاحِ أَوْلَى. ٢٩/ ٣٤٣
* * *
(النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِدُونِ تقدير الْمَهْرِ، لَا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مَعَ نَفْيِهِ)
٤٦٠٩ - الَّذِي يَثْبُتُ بِالْكِتَاب وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ النّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِدُونِ فَرْضِ الْمَهْرِ؛ أَيْ: بِدُونِ تَقْدِيرِهِ، لَا أنَّهُ يَنْعَقِدُ مَعَ نَفْيِهِ.
فَلَابدَّ مِن مَهْرٍ مُسَمًّى مَفْرُوضٍ أَو مَسْكُوتٍ عَن فَرْضِهِ، ثُمَّ إنْ فُرِضَ مَا تَرَاضَيَا بِهِ وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا، كَمَا قَضَى بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي بروع بِنْتِ وَاشِقٍ. ٢٩/ ٣٤٤
* * *
(١) رواه البخاري (٢٧٢١)، ومسلم (١٤١٨).