قال أبو العباس: تأملت المذهب فوجدت الإكراه يختلف باختلاف المكره عليه، فليس الإكراه المعتبر في كلمة الكفر كالإكراه المعتبر في الهبة ونحوها، فإن أحمد نصَّ في غير موضع على: أن الإكراه على الكفر لا يكون إلا بتعذيب من ضرب أو قيد، ولا يكون الكلام إكراهًا.
وقد نصَّ على أن المرأة لو وهبت زوجها صداقها بمسألته لها (١): فلها أن ترجع، بناء على أنها لا تهب له إلا إذا خافت أن يطلقها أو يسيء عشرتها، فجعل خوف الطلاق أو سوء العشرة إكراهًا في الهبة، ولفظه في موضع آخر: لأنه أكرهها.
ومثل هذا لا يكون إكراهًا على الكفر، فإن الأسير إذا خشي من الكفار أن لا يزوجوه وأن يحولوا بينه وبين امرأته: لم يبح له التكلم بكلمة الكفر.
ومثل هذا لو كان له عند رجل حق من دين أو وديعة فقال: لا أعطيك حتى تبيعني أو تهبني، فقال مالك: هو إكراه، وهو قياس قول أحمد ومنصوصه في مسألة ما إذا منعها حقها لتختلع منه، وقال القاضي تبعًا للحنفية والشافعية: ليس إكراهًا.
قال شيخنا: أو ظنَّ أنه يضره بلا تهديد في نفسه أو أهله أو ماله: لم يقع (٢). المستدرك ٥/ ٨ - ٩
٤٦٢٣ - من سُحر فبلغ به السحر ألا يعلم ما يقول فلا طلاق له. المستدرك ٥/ ٩
٤٦٢٤ - إذا أكره على اليمين بغير حق؛ مثل أن يكون باعه إلى أجل ثم بعد لزوم العقد قال له: إن لم تحلف لي أنك تعطيني حقي يوم كذا وإلا لزمك
(١) أي: طلب منها أن تهب له مهرها.
وفي الأصل: (أو مسكنها)، والتصويب من الاختيارات (٣٦٧).
(٢) أي: الطلاق.