وَالسَّلَفُ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ وَالْجُمْهُورُ يُسَلِّمُونَ أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَلَا يَذْكُرُونَ فِي الاِعْتِذَارِ عَن هَذِهِ الصُّورَةِ فَرْقًا صَحِيحًا؛ بَل هَذَا الْأَصْلُ أَصْل عَظِيمٌ عَلَيْهِ مَدَارُ كَثِيرٍ مِن الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَيْسَ مَعَهُم نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ؛ بَل الْأصُولُ وَالنُّصُوصُ لَا تُوَافِقُ بَل تُنَاقِضُ قَوْلَهُمْ.
وَمَن تَدَبَّرَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللهَ لَمْ يُشَرِّعْ الطَّلَاقَ الْمُحَرِّمَ (١) جُمْلَةً قَطُّ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فَإِنَّهُ شَرَّعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. ٣٣/ ٥ - ٣٠
وَلَكِن الَّذِينَ خَالَفُوا قِيَاسَ أُصُولِهِمْ فِي الطَّلَاقِ خَالَفُوهُ لِمَا بَلَغَهُم مِن الْآثَارِ، فَلَمَّا ثَبَتَ عِنْدَهُم عَن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اعْتَدَّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ الَّتِي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالُوا: هُم أَعْلَمُ بِقِصَّتِهِ فَاتَّبَعُوهُ فِي ذَلِكَ، وَمَن نَازَعَهُم يَقُولُ: مَا زَالَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ يَرْوُونَ أَحَادِيثَ وَلَا تَأْخُذُ الْعُلَمَاءُ بِمَا فَهِمُوهُ مِنْهَا؛ فَإِنَّ الاِعْتِبَارَ بِمَا رَوَوْهُ لَا بِمَا رَأَوْهُ وَفَهِمُوة.
وَقَد تَرَكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ قَوْلَهُ: "فَاقْدُرُوا لَهُ".
وَتَرَكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمَا تَفْسِيرَهُ لِحَدِيثِ: "الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ"، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
وَتَرَكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ تَفْسِيرَهُ لِقَوْلِهِ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، وَقَوْلِهِ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي كَذَا (٢).
(١) أي: الْمُحَرّم على الزوج الرجوع إلى زوجته حتى تنكح زوجًا غيره.
(٢) يُشير إلى ما رواه البخاري في صحيحه (٤٥٢٧)، عَن ابْنِ عُمَرَ في قوله تعالىْ قَالَ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} البقرة: ٢٢٣ يَأْتِيهَا فِي .. هكذا فعل البخاري، لم يُكمل الحديث، ربما تنزهًا، وربما هكذا وصلت إليه. وقد صح =