وَكَذَلِكَ إذَا خَالَفَ الرَّاوِي مَا رَوَاهُ، كَمَا تَرَكَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُم قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا، مَعَ أَنَّهُ رَوَى حَدِيثَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَهَا بَعْدَ أَنْ بِيعَتْ وَعَتَقَتْ، فَإِنَّ الاِعْتِبَارَ بِمَا رَوَوْهُ لَا مَا رَأَوْهُ وَفَهِمُوهُ. ٣٣/ ٩٠
٤٦٥٤ - الطَّلَاقُ نَوْعَانِ:
أ - نَوْعٌ أَبَاحَهُ اللّهُ.
ب - وَنَوْعٌ حَرَّمَهُ.
فَالَّذِي أَبَاحَهُ: أَنْ يُطَلّقَهَا إذَا كَانَت مِمَن تَحِيضُ بَعْدَ أَنْ تَطْهُرَ مِن الْحَيْضِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا، وَيُسَمَّى طَلَاقَ السُّنَّةِ.
فَإِنْ كَانَت مِمَن لَا تَحِيضُ: طَلَّقَهَا أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ، أَو يُطَلِّقُهَا حَامِلًا قَد تَبَيَّنَ حَمْلُهَا.
فَإِنْ طَلَّقَهَا بِالْحَيْضِ أَو فِي طُهْرٍ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا: كَانَ هَذَا طَلَاقًا مُحَرَّمًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي وُقُوعِهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ.
وَطَلَاقُ السُّنَّةِ الْمُبَاح:
أ - إمَّا أَنْ يُطَلّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَيَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَتَبِينُ.
ب - أَو يُرَاجِعُهَا فِي الْعِدَّةِ.
فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أَو طَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ، أَو الثَّالِثَةَ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ: فَهَذَا حَرَامٌ، وَفَاعِلُهُ مُبْتَدِعٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
= التصريح بذلك عند الطبري وغيره عن نَافِع أنه نَقَلَ عَن ابْن عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَرَأ عَلَيْهِ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} قَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إنَّهَا نَزَلَتْ فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَ.
والشيخ جزم هنا أنّ هذا هو رأي ابن عمر، وكان قد تردد في موضع آخر، حيث قال: وَمِن النَّاسِ مَن يَقُولُ: ابْنُ عُمَرَ هُوَ الَّذِي غَلِطَ فِي فَهْمِ الْآيَةِ. وَاللّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ. اهـ. (٣٢/ ٢٦٦).