أَو خِيَانَةٍ أَو ظُلْمٍ فَيَقُولُ: إنْ فعلتيه أَنْتِ طَالِقٌ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ يَكْرَهُ طَلَاقَهَا، لَكِنْ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ الْمُنْكَرَ كَانَ طَلَاقُهَا أَحَبَّ إلَيْهِ مِن أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ.
فَقَد ثَبَتَ عَن الصَّحَابَةِ: أَنَّهُم أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ إذَا كَانَ قَصْدُهُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ، كَمَا أَلْزَمُوهُ بِالنَّذْرِ.
بِخِلَافِ مَن كَانَ قَصْدُهُ الْيَمِينَ، وَالَّذِي قَصْدُهُ الْيَمِينُ هُوَ مِثْل الَّذِي يَكرَهُ الشَّرْطَ وَيَكْرَهُ الْجَزَاءَ وَإِن وَقْعَ الشَّرْطُ؛ مِثْل أَنْ يَقُولَ: إنْ سَافَرْت مَعَكمْ فَنِسَائِي طَوَالِقُ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَمَالِي صَدَقَة، وَعَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ، وَأَنَا بَرِيءٌ مِن دِينِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا مِمَّا يُعْرَفُ قَطْعًا أَنَهُ لَا يُرِيدُ أَنْ تَلْزَمَهُ هَذِهِ الْأمُورُ وَإِن وُجِدَ الشَّرْطُ، فَهَذَا هُوَ الْحَالِفُ. ٣٣/ ١٢٢ - ١٣٠
وَهَكَذَا كُلُّ مَن حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَو غَيْرِهِ إنَّمَا يَقْصِدُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِفَرْطِ بُغْضِهِ لَهُ، وَبِهَذَا فَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ نَذْرِ التَّبَرُّرِ ونَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، قَالُوا: لِأنَّ الْأَوَّلَ قَصْدُهُ وُجُودُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، بِخِلَافِ الثَّانِي.
فَإِذَا قَالَ: إنْ شَفَى اللهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَو فَعَبْدِي حُرّ: لَزِمَهُ ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ.
وَأَمَّا إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَو فَعَبْدِي حُرٌّ، وَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ: فَهَذَا مَوْضِعُ النِّزَاعِ. مَعَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَن الْأَئِمَّةِ الْأرْبَعَةِ وُقُوعُ الْعِتْقِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَبْعَةَ مِن الصَّحَابَةِ: مِثْل ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزينَبَ رَبِيبَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: أَجَلُّ مِن أَرْبَعَةٍ (١) مِن
(١) يقصد الأئمة الأربعة: أبا حنيفة ومالكٌ والشافعيّ وأحمدَ - رضي الله عنهم -.
وتأمل كلامه تجده في غاية الصواب والحق.