أمَّا صِيغَةُ التَّنْجِيزِ: فَهُوَ إيقَاعُ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا مُوْسَلًا مِن غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِصِفَةٍ وَلَا يَمِينٍ؛ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَو مُطَلَّقَةٌ.
وَأَمَّا صِيغَةُ الْقَسَمِ: فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، أَو لَا أَفْعَلُ كَذَا، فَيَحْلِفُ بِهِ عَلَى حَضٍّ لِنَفْسِهِ أَو لِغَيْرِهِ، او مَنْع لِنَفْسِهِ أَو لِغَيْرِهِ، أَو عَلَى تَصْدِيقِ خَبَرٍ أَو تَكْذِيبِهِ، فَهَذَا يَدْخُلُ فِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالْأَيْمَانِ؛ فَإِنَّ هَذَا يَمِين بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ فَإِنَّهَا صِيغَةُ قَسَمٍ، وَهُوَ يَمِينٌ أَيْضًا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَتَنَارعُوا فِي أَنَّهَا تُسَمَّى يَمِينًا.
وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي حُكْمِهَا.
وَكَذَلِكَ تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا حَلَفَ بِالنَّذْرِ فَقَالَ: إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَو صَوْمُ شَهْرٍ أَو مَالِي صَدَقَةٌ، لَكِنَّ هَذَا النَّوْعَ اُشْتُهِرَ الْكَلَامُ فِيهِ عَن السَّلَفِ مِن الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالُوا: إِنَّهُ أَيْمَان تُجْزِي فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ هَذَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، بِخِلَافِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ إنَّمَا عُرِفَ عَن التَّابِعِينَ وَمَن بَعْدَهُمْ، وَتَنَازَعُوا فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
وَالثَّالِثُ: صِيغَةُ تَعْلِيق؛ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيُسَمَّى هَذَا طَلَاقًا بِصِفَة.
فَهَذَا:
أ - إمَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُ صَاحِبِهِ الْحَلِفَ، وَهُوَ يَكْرَهُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا وُجِدَت الصِّفَة.
ب - وَإِمَّا أنْ يَكُونَ قَصْدُهُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الصِّفَةِ.
فَالْأوَّلُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
وَلَو قَالَ: إنْ حَلَفْتُ يَمِينًا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَحلفَ بِالطَّلَاقِ: حَنِثَ بِلَا نِزَاع نَعْلَمُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ.