وَالثانِي: وَهوَ أَنْ يَكُونَ قَصدَ إيقَاع الطَّلَاقِ عِنْدَ الصِّفَةِ، فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إذَا وُجِدَت الصِّفَةُ كَمَا يَقَعُ الْمُنجِّزُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَكَذَلِكَ إذَا وَقَّتَ الطَّلَاقَ بِوَقْت؛ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِق عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ.
وَقَد ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُقُوعِ هَذَا الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا قَدِيمًا.
لَكِن ابْنُ حَزْمٍ زَعَمَ أَنَهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِيَّةِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ ذَكَرَ فِي كِتَابِ "الْإِجْمَاعِ" إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَذَكَرَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ: هَل يَقَعُ الطَّلَاقُ أَو لَا يَقَعُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؟ أَو يَكونُ يَمِينًا مُكَفّرَةً؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، كَمَا أَنَّ نَظَائِرَ ذَلِكَ مِن الْأَيْمَانِ فِيهَا هَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ.
وَهَذَا الضَّرْبُ وَهُوَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ يَقْصِدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عِنْدَهَا، وَلَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْحَضّ وَالْمَنْعِ؛ كَقَوْلِهِ: إنْ طَلَعَت الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ: هَل هُوَ يَمِينٌ؟ فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ يَمِينٌ؛ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد.
الثَّافي: أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلِ الْآخَرِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد.
وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ شَرْعًا وَلُغَةً، وَأَمَّا الْعُرْفُ فَيَخْتَلِفُ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا أَنْوَاعُ الْأَيْمَانِ الثَّلَاثَةِ:
أ - فَالْأوَّلُ: أَنْ يَعْقِدَ الْيَمِينَ بِاللهِ.
ب - والثَّانِي: أَنْ يَعْقِدَهَا للهِ.
ج - وَالثَّالِثُ: أَنْ يَعْقِدَهَا بِغَيْرِ اللهِ أَو لِغَيْرِ اللهِ.