وَمَن نَهَى عَن دُخُولِ بَلَدٍ أَو كَلَامٍ شُخِّصَ لِمَعْنَى ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى: زَالَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، كَمَا إذَا امْتَنَعَ أَنْ يَبْدَأَ رَجُلًا بِالسَّلَامِ؛ لِكَوْنِهِ كَافِرًا فَأَسْلَمَ.
وَأَنْ لَا يَدْخُلَ بَلَدًا لِكَوْنِهِ دَارَ حَرْبٍ فَصَارَ دَارَ إسْلَامٍ، وَنَحْو ذَلِكَ.
فَإِنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَثَ بِعِلَّةٍ زَالَ بِزَوَالِهَا.
فَالرَّجُلُ إذَا حَلَفَ لَا يُوَاقِعُ امْرَأَتَهُ: إذَا كَانَ قَصْدُهُ عُقُوبَتَهَا لِكَوْنِهَا تُمَاطِلُهُ وَتَنْشُزُ عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ، فَإِذَا تَابَتْ مِن ذَلِكَ وَصَارَتْ مُطِيعَةً مُوَافِقَةً زَالَ سَبَبُ الْهَجْرِ الَّذِي عَلَّقَهَا بِهِ، كَمَا لَو هَجَرَهَا لِنُشُوزٍ ثُمَّ زَالَ. ٣٣/ ٢٣٤ - ٢٣٥
* * *
بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
٤٦٨٨ - سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رحمه الله: عَن رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ اسْتَثْنَى بَعْدَ هُنَيْهَةٍ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْكَلَامُ؟
فَأجَابَ: لَا يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالْحَالُ هَذِهِ، وَلَو قِيلَ لَهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللّهُ: يَنْفَعُهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَلَو لَمْ يَخْطُرْ لَهُ الاِسْتِثْنَاءُ إلَّا لِمَا قِيلَ لَهُ. ٣٣/ ٢٣٨
٤٦٨٩ - وَسُئِلَ رحمه الله: عَن رَجُلٍ حَنقَ مِن زَوْجَتِهِ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: قُل السَّاعَةَ، قَالَ: السَّاعَةَ، وَنَوَى الاِسْتِثْنَاءَ؟
فَأَجَابَ: إنْ كَانَ اعْتِقَادُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي إنْ شَاءَ اللهُ: أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَمَقْصُودُهُ تَخْوِيفُهَا بِهَذَا الْكَلَامِ، لَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ: لَمْ يَقَع الطَّلَاقُ.
فَإِنْ كَانَ قَد قَالَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ: إنْ شَاءَ اللّهُ: فَإِنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيّ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ لَا يَقَعُ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد يَقَعُ، كَمَا رُوِيَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ.
لَكِنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ مَقْصُودُهُ وَاعْتِقَادهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ صَارَ الْكَلَامُ عِنْدَهُ كَلَامًا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ فَلَمْ يَقْصِدِ التَّكَلُّمَ بِالطَّلَاقِ.