وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِعْلَ وَاجِبٍ أَو تَرْكَ مُحَرَّمٍ: فَهَاهُنَا لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِالِاتِّفَاقِ؛ بَل يَجِبُ التَّكْفِيرُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. ٣٥/ ٢٥٣
* * *
(انْقَسَمَت الْأُمَّة فِي دُخُولِ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فِي حَدِيثِ الاِسْتِثْنَاءِ عَلَى ثلَاثَةِ أَقْسَامٍ)
٤٩٩٠ - اعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ انْقَسَمَتْ فِي دُخُولِ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فِي حَدِيثِ الِاسْتِثْنَاءِ (١) عَلَى ثَلَاَثةِ أقسَامٍ:
فَقَوْمٌ قَالُوا: يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ أَنْفُسُهُمَا، حَتَّى لَو قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللهُ، وَأَنْت حُرٌّ إنْ شَاءَ اللهُ: دَخَلَ ذَلِكَ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا.
وَقَوْمٌ قَالُوا: لَا (٢) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ، لَا إيقَاعُهُمَا وَلَا الْحَلِفُ بِهِمَا، بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ وَلَا بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد.
والْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ؛ بَل يَدْخُلُ فِيهِ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَن أَحْمَد.
وهَذَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الصَّوَابُ الْمَأْثُورُ مَعْنَاهُ عَن أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ؛ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ، لَمْ يَجْعَلُوا فِي الطَّلَاقِ اسْتِثْنَاءً، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مِن الْأَيْمَانِ. ٣٥/ ٢٨٣ - ٢٨٤
* * *
(١) وهو مَا رَوَاه ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ أَحْمَد وَالنَّسَائي وَابْنُ مَاجَه وَالتِّرْمِذِي.
(٢) في الأصل: (يدخل)، وهو خلاف السياق، كما نبه عليه صاحب كتاب: صيانة فتاوى شيخ الإسلام (ص ٢٢٨).