بَيْنَ زَوْجَيْنِ (١).
وَلَو حَكَمَ حَاكِمٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي أَمْرٍ ظَاهِرٍ لَمْ ينفذْ حُكْمُهُ بِاتّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَكيْفَ بِأُمُورِ الدِّينِ وَالْعِبَادَاتِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ، وَقَد اشْتَبَهَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِن النَّاسِ؟
هَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحْكُمُ فِيهِ إلَّا اللهُ وَرَسُولُهُ، فَمَن كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمُونَ إذَا عَرَفُوا شَرْعَ نَبِيِّهِمْ لَمْ يَعْدِلُوا عَنْهُ.
وَإِن كَانَ كلُّ قَوْمٍ يَقُولُونَ: عِنْدَنَا عِلْمٌ مِن الرَّسُولِ، وَلَمْ يَكُن هُنَاكَ أَمْرٌ ظَاهِرٌ يُجْمَعُونَ فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ: كَانَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ لَهُم أَجْرَانِ وَالْآخَرُونَ لَهُم أَجْرٌ وَاحِدٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} الأنبياء: ٧٨، ٧٩.
وَوَليُّ الْأَمْرِ:
- إنْ عَرَفَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ: حَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ.
- وَإِن لَمْ يَعْرِفْهُ وَأَمْكنَهُ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَقُولُ هَذَا وَمَا يَقُولُ هَذَا حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ: حَكَمَ بِهِ.
- وَإِن لَمْ يُمْكِنْهُ لَا هَذَا وَلَا هَذَا: تَرَكَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا هُم عَلَيْهِ، كُلٌّ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ أَحَدًا بِقَبُولِ قَوْلِ غَيْرِهِ وَإِن كَانَ حَاكِمًا.
وَإِذَا خَرَجَ وُلَاةُ الْأُمُورِ عَن هَذَا: فَقَد حَكَمُوا بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ، وَوَقَعَ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إلَّا وَقَعَ بَأْسُهُم
(١) فكيف يتحكم واحد بشعب بأكمله، أو بأسرة أو مجموعةٍ؟.