مِن سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ سَاسَا الْأمَّةَ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَسَلِمَا مِن التَّأوِيلِ فِي الدِّمَاءِ وَالْأمْوَالِ.
وَعُثْمَانَ -رضي الله عنه- غَلَّبَ الرَّغْبَةَ وَتَأَوَّلَ فِي الْأَمْوَالِ.
وَعَلِيٌّ غَلَّبَ الرَّهْبَةَ وَتَأَوَّلَ فِي اْلدِّمَاءِ.
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَمُلَ زُهْدُهُمَا فِي الْمَالِ وَالرِّيَاسَةِ.
وَعُثْمَانُ كَمُلَ زُهْدُهُ فِي الرِّيَاسَةِ.
وَعَلِيٌّ كَمُلَ زُهْدُهُ فِي الْمَالِ. ٣٥/ ٢٢ - ٢٣
* * *
(النَّبِيِّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ)
٥١٩٨ - التَّحْقِيقُ أَن مِن النُّبُوَّةِ مَا يَكُونُ مُلْكًا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أ - إمَّا أَنْ يُكذَّبَ وَلَا يتَّبعَ وَلَا يُطَاعَ: فَهُوَ نَبِيٌّ لَمْ يُؤتَ مُلْكًا.
ب - وَإِمَّا أَنْ يُطَاعَ، فَنَفْسُ كَوْنِهِ مُطَاعًا هُوَ مُلْكٌ.
لَكِنْ إنْ كَانَ لَا يَأمُرُ إلَّا بِمَا أُمِرَ بِهِ: فَهُوَ عَبْدٌ رَسُولٌ لَيْسَ لَهُ مُلْكٌ.
وَهُوَ حَالُ نَبِيِّنَا فَإِنَّهُ كَانَ عَبْدًا رَسُولًا، مُؤَيَّدًا مُطَاعًا مَتْبُوعًا، فَأُعْطِيَ فَائِدَةَ كَوْنِهِ مُطَاعًا مَتْبُوعًا لِيَكُونَ لَهُ مِثْل أَجْرِ مَن اتَّبَعَهُ، وَليَنْتَفِعَ بِهِ الْخَلْقُ ويُرْحَمُوا بِهِ، ويُرْحَمُ بِهِمْ.
وَلَمْ يَخْتَرْ أَنْ يَكُونَ مَلَكًا لِئَلَّا يُنْقَصَ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن الِاسْتِمْتَاعِ بِالرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ عَن نَصِيبِهِ فِي الْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ الرَّسُولَ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِن النَّبِيِّ الْمَلَكِ.
وَإِن كَانَ يَأمُرُ بِمَا يُرِيدُهُ مُبَاحًا لَهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَلكِ كَمَا قِيلَ لِسُلَيْمَانَ: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٩)} ص: ٣٩ فَهَذَا نَبِيٌّ مَلكٌ. ٣٥/ ٣٤
* * *