قاعدة في مواضع الأئمة في مجامع الأمة
٥١٩٩ - لَنْ يَقُومَ الدِّينُ إلَّا بِالْكِتَابِ وَالْمِيزَانِ وَالْحَدِيدِ: كِتَابٌ يَهْدِي بِهِ، وَحَدِيدٌ يَنْصُرُهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} الحديد: ٢٥.
فَالْكِتَابُ: بِهِ يَقُومُ الْعِلْمُ وَالدِّينُ.
وَالْمِيزَانُ: بِهِ تَقُومُ الْحُقوقُ فِي الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ والقبوض.
وَالْحَدِيدُ: بِهِ تَقُومُ الْحُدُودُ عَلَى الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ.
وَلهَذَا كَانَ فِي الْأَزْمَانِ الْمُتَأَخِّرَةِ:
أ - الْكِتَابُ لِلْعُلَمَاءِ وَالْعِبَادِ.
ب - وَالْمِيزَانُ لِلْوُزَرَاءِ وَالْكُتَّابِ وَأَهْلِ الدّيوَانِ.
ج - وَالْحَدِيدُ لِلْأُمَرَاءِ وَالْأجْنَادِ.
وَالْكِتَابُ لَهُ الصَّلَاةُ، وَالْحَدِيدُ لَهُ الْجِهَادُ؛ وَلهَذَا كَانَ أَكْثَرُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبوِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ.
وَلهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَوَاضِعَ مِن الْقُرْآنِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الحجرات: ١٥. وَالصَّلَاةُ أَوَّلُ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ، وَأَصْلُ أَعْمَالِ الْإِيمَانِ؛ وَلهَذَا سَمَّاهَا إيمَانًا فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} البقرة: ١٤٣؛ أَيْ: صَلَاتَكُمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، هَكَذَا نُقِلَ عَن السَّلَفِ.
وَفِي "الصَّحِيحِ" أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إيمَانٌ بِاللهِ وَجِهَادٌ في سَبِيلِهِ" (١).
(١) البخاري (٢٥١٨).