فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ عَدَدَ الْقَتْلَى، أَو مِقْدَارَ الْمَالِ: جَعَلَ الْمَجْهُولَ كَالْمَعْدُومِ.
وَإِذَا ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى بِزِيَادَة: فَإِمَّا أَنْ تُحَلِّفَهَا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، وَإِمَّا تَمْتَنِعُ عَن الْيَمِينِ فَيُقْضَى بِرَدِّ الْيَمِينِ أَو النُّكُولِ.
فَإِنْ كَانَت إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَبْغِي؛ بِأَنْ تَمْتَنِعَ عَن الْعَدْلِ الْوَاجِبِ، وَلَا تُجِيبَ إلَى أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَتُقَاتِلَ عَلَى ذَلِك، أَو تَطْلُبَ قِتَالَ الْأُخْرَى وَإِتْلَافَ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُم بِهِ.
فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَفِّهَا إلَّا بِالْقَتْلِ قُوتِلَتْ حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللهِ.
وَإِن أَمْكَنَ أَنْ تُلْزَمَ بِالْعَدْلِ بِدُونِ الْقِتَالِ مِثْلُ أَنْ يُعَاقِبَ بَعْضَهُمْ، أَو يَحْبِسَ، أَو يَقْتُلَ مَن وَجَبَ قَتْلُهُ مِنْهُمْ، وَنَحْو ذَلِك: عَمِلَ ذَلِك، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقِتَالِ. ٣٥/ ٨٥ - ٨٧
٥٢١٣ - ثَبَتَ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- أَيْضًا فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ قَالَ عَن الْحَسَنِ ابْنِهِ: "إنَّ ابْنِي هَذَا سَيدٌ، وَسَيصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِن الْمُسْلِمِينَ" (١)، فَأَصْلَحَ اللهُ بِهِ بَيْنَ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَشِيعَةِ مُعَاوِيةَ.
وَأَثْنَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْحَسَنِ بِهَذَا الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ عَلَى يَدَيْهِ، وَسَمَّاهُ سَيِّدًا بِذَلِك؛ لِأَجْلِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْحَسَن يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَيَرْضَاهُ اللهُ وَرَسُولُهُ.
وَلَو كَانَ الِاقْتِتَالُ الَّذِي حَصَلَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ لَمْ يَكُن الْأَمْرُ كَذَلِك؛ بَل يَكُونُ الْحَسَنُ قَد تَرَكَ الْوَاجِبَ، أَو الْأَحَبَّ إلَى اللهِ.
وَهَذَا النَّصُّ الصَّحِيحُ الصَّرِيحُ يُبَيِّنُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْحَسَنُ مَحْمُودٌ، مَرْضِيٌّ للهِ وَرَسُولِهِ. ٣٥/ ٧٠ - ٧١
* * *
(١) رواه البخاري (٢٧٠٤).