وَأَعْرِفُ طَائِفَةً مِن الصَّالِحِينَ مَن يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا لِيُسْلِمَ فَيُغْفَرَ لَهُ مَا قَد سَلَفَ؛ لأنَّ التَّوْبَةَ عِنْدَهُ مُتَعَذِّرَةٌ عَلَيْهِ أَو مُتَعَسِّرَةٌ عَلَى مَا قَد قِيلَ لَهُ وَاعْتَقَدَهُ مِن التَّوْبَةِ.
ثُمَّ هَذَا مُنَفِّرٌ لِأَكْثَرِ أَهْلِ الْفُسُوقِ عَن التَّوْبَةِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمُؤَيِّسِ لِلنَّاسِ مِن رَحْمَةِ اللهِ.
فَإِنَّ كُفْرَ الْكَافِرِ لَمْ يُسْقِطْ عَنْهُ مَا تَرَكَهُ مِن الْوَاجِبَاتِ، وَمَا فَعَلَهُ مِن الْمُحَرَّمَاتِ: لِكَوْنِ الْكَافِرِ كَانَ مَعْذُورًا .. وَإِنَّمَا غُفِرَ لَهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ تَوْبَةٌ، وَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا.
فَيُشْبِهُ -وَاللهُ أَعْلَمُ- أَنْ يُجْعَلَ حَالُ هَؤُلَاءِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ كَحَالِ غَيْرِهِمْ (١). ٢٢/ ٧ - ٢٢
٥٢٣٦ - اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَن اسْتَخَفَّ بِالْمُصْحَفِ؛ مِثْل أَنْ يُلْقِيَهُ فِي الْحُشِّ أَو يَرْكُضَهُ بِرِجْلِهِ إهَانَةً لَهُ: أنَّهُ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ. ٨/ ٤٢٥
٥٢٣٧ - مَن أَنْكَرَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ مِن الْمُحَرَّمَاتِ الْمُتَوَاتِرَةِ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْفَوَاحِشِ أَو شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ وَيُعَرَّفُ التَّحْرِيمَ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَكَانَ مُرْتَدًّا عَن دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُدْفَنْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. ٢٨/ ٢١٨
٥٢٣٨ - اَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ أَنَّ مَن جَحَدَ رُؤْيَةَ اللهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ، فَإِنْ كَانَ مِمَّن لَمْ يَبْلُغْهُ الْعِلْمُ فِي ذَلِكَ عُرّفَ ذَلِكَ كَمَا يُعَرَّفُ مَن لَمْ تَبْلُغْهُ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْجُحُودِ بَعْدَ بُلُوغِ الْعِلْمِ لَهُ فَهُوَ كَافِرٌ. ٦/ ٤٨٦
(١) يتبين من كلامه رحمهُ اللهُ شدة التيسير والرحمة التي يتحلى بها، ومراعاته للمصالح والمفاسد ومقاصد الشريعة، وكيف أنّ خِلطته بالناس وتلمس واقعهم أثّر في آرائه وفتاويه.
وهكذا يجب أن يكون المفتي والداعي إلى الله تعالى، لا أنْ يكون منعزلًا ويُصدر الأحكام والفتاوى والبحوث.