حكم الرَّمْي بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ:
٥٣٩٨ - رُوَيتْ آثَارٌ فِي كَرَاهَةِ الرَّمْي بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ عَن بَعْضِ السَّلَفِ؛ لِكَوْنِهَا كَانت شِعَارَ الْكُفَّارِ، فَأَمَّا بَعْدَ أَنْ اعْتَادَهَا الْمُسْلِمُونَ وَكَثُرَتْ فِيهِمْ (١) وَهِيَ فِي أَنْفُسِهَا أَنْفَعُ فِي الْجِهَادِ مِن تِلْكَ الْقَوْسِ: فَلَا تُكْرَهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ أَو قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ. ١٧/ ٤٨٧ - ٤٨٨
* * *
الْفَرْقُ بَيْنَ الإلْهَامِ الْمَحْمُودِ وَبَيْنَ الْوَسْوَسَةِ الْمَذْمُومَةِ:
٥٣٩٩ - إِذَا كَانَ مَا يُوحِيهِ -صلى الله عليه وسلم- إلَى عِبَادِهِ تَارَةً يَكُونُ بِوَسَاطَةِ مَلَكٍ وَتَارَةً بِغَيْرِ وَسَاطَةٍ فَهَذَا لِلْمُؤْمِنِينَ كُلّهِمْ مُطْلَقًا لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} القصص: ٧، وَإِذَا كَانَ قَد قَالَ: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} النحل: ٦٨، فَذَكَرَ أَنَّهُ يُوحِي إلَيْهِمْ؛ فَإِلَى الْإِنْسَانِ أَوْلَى.
وَقَد قَالَ تَعَالَى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} الشمس: ٧، ٨ فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُلْهِمُ الْفُجُورَ وَالتَّقْوَى لِلنَّفْسِ، وَالْفُجُورُ يَكُونُ بِوَاسِطَةِ الشَّيْطَانِ، وَهُوَ إلْهَامُ وَسْوَاسٍ، وَالتَّقْوَى بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ، وَهُوَ إلْهَامُ وَحْيٍ.
وَقَد صَارَ فِي الْعُرْفِ لَفْظُ الْإِلْهَامِ إذَا أُطْلِقَ لَا يُرَادُ بِهِ الْوَسْوَسَةُ، وَهَذِهِ الْآيَة مِمَّا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ إلْهَامِ الْوَحْي وَبَيْنَ الْوَسْوَسَةِ.
فَالْمَأْمُورُ بِهِ إنْ كَانَ تَقْوَى اللهِ فَهُوَ مِن إلْهَامِ الْوَحْيِ، وَإِن كَانَ مِنَ الْفُجُورِ فَهُوَ مِن وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ.
فَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِلْهَامِ الْمَحْمُودِ وَبَيْنَ الْوَسْوَسَةِ الْمَذْمُومَةِ هُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا أُلْقِيَ فِي النَّفْسِ مِمَّا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ تَقْوَى للهِ
(١) هذا قيدٌ هامٌ في التشبه بالكفار والفساق، فمتى اعْتَادَ الْمُسْلِمُونَ أمرًا كان يختص بالكفار أو الفساق وكَثُرَ فِيهِمْ لم يحرم، وهذا في أمور العادات والمباحات، لا في العبادات والعقائد.