فَهُوَ مِنَ الْإِلْهَامِ الْمَحْمُودِ، وَإِن كَانَ مِمَّا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ فُجُورٌ فَهُوَ مِنَ الْوَسْوَاسِ الْمَذْمُومِ، وَهَذَا الْفَرْقُ مُطَّرِد لَا يَنْتَقِضُ. ١٧/ ٥٢٨ - ٥٢٩
* * *
" لَوْ": تُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
٥٤٠٠ - " لَوْ": تُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى وَجْهِ الْحُزْنِ عَلَى الْمَاضِي وَالْجَزَعِ مِنَ الْمَقْدُورِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَيْثُ قَالَ: "وَإِن أَصَابَك شيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَو أَنِّي فَعَلْت لَكَانَ كذَا وَكلذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ الله وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ" (١)؛ أَيْ: تَفْتَحُ عَلَيْك الْحُزْنَ وَالْجَزَعَ، وَذَلِكَ يضُرِّ وَلَا يَنْفَعُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: "لَو" لِبَيَانِ عِلْمٍ نَافِعٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الأنبياء: ٢٢.
وَلبَيَانِ مَحَبَّةِ الْخَيْرِ وإرَادَتِهِ؛ كَقَوْلِهِ: "لَو أَنَّ لِي مِثْل مَا لِفُلَانِ لَعَمِلْت مِثْل مَا يَعْمَلُ" وَنَحْوُهُ جَائِزٌ.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم-: "وَدِدْت لَو أَنَّ مُوسَى صَبَرَ لِيَقُصَّ اللهُ عَلَيْنَا مِن خَبَرِهِمَا" هُوَ مِن هَذَا الْبَاب .. فَإِنَّ نَبِيَّنَا -صلى الله عليه وسلم- أَحَبَّ أَنْ يَقُصَّ اللهُ خَبَرَهُمَا فَذَكَرَهُمَا لِبَيَانِ مَحَبَّتِهِ لِلصَّبْرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ فَعَرَّفَهُ مَا يَكُونُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَمْ يَكُن فِي ذَلِكَ جَزَعٌ وَلَا حُزْنٌ وَلَا تَرْكٌ لِمَا يُحِبُّ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورِ. ١٨/ ٣٤٧ - ٣٤٩
* * *
لَمْ يُخصَّ الْعَرَب دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ بِأَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ:
٥٤٠١ - أُرْسِلَ -صلى الله عليه وسلم- إلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ: الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَلَمْ يَخُصَّ الْعَرَبَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ بِأَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ، وَلَكِنْ خَصَّ قُرَيْشًا بِأَنَّ الْإِمَامَةَ فِيهِمْ،
(١) مسلم (٢٦٦٤).