وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا شُعْبَةٌ مِن الرَّفْضِ؛ فَإِنَّهُ وَإِن لَمْ يَكُن تَكفِيرًا لِلسَّلَفِ -كَمَا يَقُولُهُ مَن يَقُولُهُ مِن الرَّافِضَةِ وَالْخَوَارجِ-، وَلَا تَفْسِيقًا لَهُم- كَمَا يَقُولُهُ مَن يَقُولُهُ مِن الْمُعْتَزِلَةِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ-: كَانَ تَجْهِيلًا لَهُمْ، وَتَخْطِئَةً وَتَضْلِيلًا وَنِسْبَةً لَهُم إلَى الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَإِن لَمْ يَكُن فِسْقًا فَزَعْمًا: أَنَّ أَهْلَ الْقُرُونِ المفضولة فِي الشَّرِيعَةِ أَعْلَمُ وَأَفْضَلُ مِن أَهْلِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ.
وَمِن الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ لِمَن تَدَبَّرَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِن جَمِيعِ الطَّوَائِفِ: أَنَّ خَيْرَ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ -فِي الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالِاعْتِقَادِ وَغَيْرِهَا مِن كُلِّ فَضِيلَةٍ-: الْقَرْنُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن غَيْرِ وَجْهٍ.
وَأَنَّهُم أَفْضَلُ مِن الْخَلَفِ فِي كُلِّ فَضِيلَةٍ مِن عِلْمٍ وَعَمَلٍ وَإيمَانٍ وَعَقْلٍ وَدِينٍ وَبَيَانٍ وَعِبَادَةٍ.
وَأَنَّهُم أَوْلَى بِالْبَيَانِ لِكُلِّ مُشْكِلٍ.
هَذَا لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مَن كَابَرَ الْمَعْلُومَ بِالضَّرورَةِ مِن دِينِ الْإِسْلَامِ، وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ. ٤/ ١٥٦ - ١٥٧
* * *
آداب الحوار والردود
٣٧٦ - إِنَّ الرَّدَّ بِمُجَرَّدِ الشَّتْمِ وَالتَّهْوِيلِ لَا يَعْجَزُ عَنْهُ أَحَدٌ.
وَالْإِنْسَانُ لَو أَنَّهُ يُنَاظِرُ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ: لَكَانَ عَلَيْهِ أنْ يَذْكُرَ مِن الْحُجَّةِ مَا يُبَيِّنُ بِهِ الْحَقَّ الَّذِي مَعَهُ، وَالْبَاطِلَ الَّذِي مَعَهُمْ.
وَمَن يَرُدُّ عَلَى النَّاسِ بِالْمَعْقُولِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ حُجَّةٌ عَقْلِيَّةً وَإلَّا كَانَ قَد أَحَالَ النَّاسَ عَلَى الْمَجْهُولَاتِ؛ كَمَعْصُومِ الرَّافِضَةِ، وَغَوْثِ الصُّوفِيَّةِ. ٤/ ١٨٦ - ١٨٧
* * *