(نُفُورُ النَّافِرِينَ، أَو مَحَبَّةُ الْمُوَافِقِينَ: لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الرجل وَلَا فَسَادِهِ)
٣٧٧ - مِن الْمَعْلُومِ أَنَّ مُجَرَّدَ نُفُورِ النَّافِرِينَ، أَو مَحَبَّةِ الْمُوَافِقِينَ: لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ وَلَا فَسَادِهِ، إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِهُدَى مِن اللهِ؛ بَل الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ هُوَ اسْتِدْلَالٌ بِاتباعِ الْهَوَى بِغَيْرِ هُدًى مِن اللهِ.
فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْإِنْسَانِ لِمَا يَهْوَاهُ: هُوَ أَخْذُ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُحِبُّهُ، وَرَدُّ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُبْغِضُهُ بِلَا هُدًى مِن اللهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الأنعام: ١١٩ (١). ٤/ ١٨٩
* * *
(الفرق بين أقْوَال الْأَنبِيَاءِ وغيرِهم، والواجب تجاهها)
٣٧٨ - الْأَقْوَالُ نَوْعَانِ:
أقوَالٌ ثَابِتَةٌ عَن الْأَنْبِيَاءِ:
فَهِيَ مَعْصُومَةٌ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا حَقًّا، عَرَفَهُ مَن عَرَفَهُ، وَجَهِلَهُ مَن جَهِلَهُ، وَالْبَحْثُ عَنْهَا إنَّمَا هُوَ عَمَّا أَرَادَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ.
فَمَن كَانَ مَقْصُودُهُ مَعْرِفَةَ مُرَادِهِمْ مِن الْوَجْهِ الَّذِي يُعْرَفُ مُرَادُهُمْ: فَقَد سَلَكَ طَرِيقَ الْهُدَى.
وَمَن قَصَدَ أَنْ يَجْعَلَ مَا قَالُوهُ تبَعًا لَهُ؛ فَإِنْ وَافَقَهُ قَبِلَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَتَكَلَّفَ لَهُ مِن التَّحْرِيفِ مَا يُسَمِّيهِ تَأْوِيلًا، مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ كَثِيرًا مِن ذَلِكَ أَو أَكْثَرَهُ لَمْ تُرِدْهُ الْأَنْبِيَاءُ: فَهُوَ مُحَرِّفٌ لِلْكَلِمِ عَن مَوَاضِعِهِ، لَا طَالِبٌ لِمَعْرِفَةِ التَّأْوِيلِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.
(١) إنها قاعدة منضبطةٌ، تعرف بها: هل أنت متبع لهواك أم لا؟ فتمسّك بها، وزِنْ بها كلّ أقوالك وأفعالك التي تُحبها أو تكرهها.