النَّوْعُ الثَّانِي: مَا لَيْسَ مَنْقُولًا عَن الْأَنْبِيَاءِ، فَمَن سِوَاهُم لَيْسَ مَعْصُومًا، فَلَا يُقْبَلُ كَلَامُهُ وَلَا يُرَدُّ إلَّا بَعْدَ تَصَوُّرِ مُرَادِهِ وَمَعْرِفَةِ صَلَاحِهِ مِن فَسَادِهِ. ٤/ ١٩١ - ١٩٢
* * *
(ما هي الْمُجَادَلَةُ الْمَحْمُودَةُ والذمومة؟)
٣٧٩ - مَا أَكْثَرَ مَن يُحْتَجُّ بِهِ مِن الْمُنْتَسِبِينَ إلَى عِلْمٍ أَو عِبَادَةٍ بِحُجَجٍ لَيْسَتْ مِن أصُولِ الْعِلْمِ، وَقَد يُبْدِي ذووا الْعِلْمِ لَهُ مُسْتَنَدًا مِن الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ لَهَا وَعَمَلَهُ بِهَا: لَيْسَ مُسْتَنِدًا إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُهَا دَفْعًا لِمَن يُنَاظِرُهُ.
والْمُجَادَلَةُ الْمَحْمُودَةُ: إنَّمَا هِيَ إبْدَاءُ الْمَدَارِكِ، وإظهارُ الْحُجَجِ (١)، الَّتِي هِيَ مُسْتَنَدُ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَأَمَّا إظْهَارُ غَيْرِ ذَلِكَ: فَنَوْعٌ مِن النِّفَاقِ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ (٢). ٤/ ١٩٥
* * *
(الحذر من طاعهَ أَحَدٍ فِي دِينٍ لَمْ يَأْذَن الله بهِ، ومتى يُعذر ويُلام من فعل ذلك)
٣٨٠ - قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} الشورى: ٢١، فَمَن نَدبَ إلَى شَيْءٍ يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللهِ، أَو أَوْجَبَهُ بِقَوْلِهِ
(١) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، والتصويب من اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٩٠) الذي هو أصل هذا الكلام.
(٢) مقصود الشيخ رَحِمَه الله بهذا الكلام المتين: أنّ المجادلة المحمودة شرعًا وعقلًا: هي بأنْ يُبدي الْمُجادل الذي يُجادل عن رأيه أو مذهبِه بالأدلة والحجج والبراهين، أما من يُجادل بغير ذلك؛ كأنْ يُجادل بمجرد دعوى أنّ شيخه أفضل من ثميخه، أو أن رأيه هو الذي عليه الناس، أو يُكثر من ذمّ خصمه وعيبِه واتهامه بالسفه والجهل ونحو ذلك: فهذا كما قال الشيخ: بأنه نَوْعٌ مِن النِّفَاقِ فِي الْعِلْمَ وَالْعَمَلِ، وهو حيلة الجبان الضعيف.