أَو فِعْلِهِ مِن غَيْرِ أَنْ يُشَرِّعَهُ اللهُ: فَقَد شَرَعَ مِن الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ.
وَمَن اتَّبَعَهُ فِي ذَلِكَ: فَقَد اتَّخَذَ شَرِيكًا للهِ شَرَعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ، وَقَد يُغْفَرُ لَهُ لِأَجْلِ تَأْوِيلٍ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا الِاجْتِهَادَ الَّذِي يُعْفَى مَعَهُ عَن الْمُخْطِئِ (١).
لَكِنْ لَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} التوبة: ٣١.
فَمَن أَطَاعَ أَحَدًا فِي دِينٍ لَمْ يَأْذَن اللهُ بِهِ؛ مِن تَحْلِيلٍ، أَو تَحْرِيمٍ، أَو اسْتِحْبَابٍ، أَو إيجَابٍ: فَقَد لَحِقَهُ مِن هَذَا الذَّمِّ نَصِيبٌ، كَمَا يَلْحَقُ الْآمِرَ النَّاهِيَ.
ثُمَّ قَد يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْفُوًّا عَنْهُ، فَيَتَخَلَّفُ الذَّمُّ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، أَو وُجُودِ مَانِعِهِ، وَإِن كَانَ الْمُقْتَضِي لَهُ قَائِمًا.
وَيَلْحَقُ الذَّمُّ:
أ- مَن تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ فَتَرَكَهُ.
ب- أَو قَصَّرَ فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ.
ج- أَو أَعْرَضَ عَن طَلَبِهِ لِهَوَى، أَو كَسَلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. ٤/ ١٩٥
* * *
(ما هو التَّقْلِيدُ الْمَذْمُوم؟)
٣٨١ - إنَّ التَّقْلِيدَ الْمَذْمُومَ: هُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ؛ كَاَلَّذِينَ ذَكَرَ اللهُ عَنْهُم أَنَّهُم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} البقرة: ١٧٠.
(١) فليس كلُّ من اجتهد يُعفى عنه؛ بل لا بدّ أن يكون الْمجتهد طالبًا الحق باذلًا الوسع في طلبِه، تاركًا لهوى النفس.
قال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٣١٦): الفاضل المجتهد في طلب العلم، بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه، إذا كان مقصودُه متابَعَةَ الرسول بحسب إمكانه: هو أحق بأن يَتَقبَّل الله حسناته، ويثيبه على اجتهاداته، ولا يؤاخِذه بما أخطأه؛ تحقيقًا لقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} البقرة: ٢٨٦. اهـ.