وَهَذَا غَيْرُ مَا يُفْعَلُ بِهِ إكْرَامًا لِأَبَوَيْهِ، كَمَا أَنَّهُ فِي النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ قَد يَنْتَفِعُ بِمَا يَكْسِبُهُ وَبِمَا يُعْطِيهِ أَبَوَاهُ، وَيتَمَيَّزُ بِذَلِكَ عَلَى مَن لَيْسَ كَذَلِكَ.
وَقَد قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ يَكُونُونَ خَدَمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَا أصْلَ لِهَذَا الْقَوْلِ.
وَأَمَّا الْوُرُودُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} مريم: ٧١ فَقَد فَسَّرَهُ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَن جَابِرٍ: بِأَنَّهُ الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ.
وَالصِّرَاطُ هُوَ الْجِسْرُ، فَلَا بُدَّ مِن الْمُرُورِ عَلَيْهِ لِكُلِّ مَن يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، مَن كَانَ صَغِيرًا فِي الدُّنْيَا وَمَن لَمْ يَكُنْ.
وَالْوِلْدَانُ الَّذِينَ يَطُوفُونَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَلْقٌ مِن خَلْقِ الْجَنَّةِ، لَيْسُوا مِن أَبْنَاءِ الدُّنْيَا؛ بَل أَبْنَاءُ أَهْلِ الدُّنْيَا إذَا دَخَلُوا الْجَنَةَ كَمُلَ خَلْقُهُم كَأَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ آدَمَ أَبْنَاءِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ فِي طُولِ سِتِّينَ ذِرَاعًا. ٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩
٣٩٢ - أطفال المسلمين في الجنة إجماعًا.
وأما أطفال المشركين فأصح الأجوبة فيهم ما ثبت في "الصحيحين": أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عنهم فقال: "اللهُ أَعْلمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِين" (١) فلا نحكم على معين منهم لا بجنة ولا نار.
ويروى أنهم يمتحنون يوم القيامة، فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى دخل النار.
وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن بعضهم في الجنة وبعضهم في النار.
والصحيح في أطفال الكفار أنهم يمتحنون في عرصات القيامة. المستدرك ١/ ١٠٦
* * *
(١) تقدم تخريجه.