(الْبَهَائِمُ يَحْشُرُهَا اللهُ سُبْحَانَهُ)
٣٩٣ - أَمَّا الْبَهَائِمُ فَجَمِيعُهَا يَحْشُرُهَا اللهُ سُبْحَانَهُ؛ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} الأنعام: ٣٨، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)} التكوير: ٥، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (٢٩)} الشورى: ٢٩.
وَحَرْفُ (إذَا) إنَّمَا يَكُون لِمَا يَأْتِي لَا مَحَالَةَ.
وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ؛ فَإِنَّ اللهَ عزَّوجلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْشُرُ الْبَهَائِمَ وَيقْتَصُّ لِبَعْضِهَا مِن بَعْضٍ ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: كُونِي تُرَابًا، فَتَصِيرُ تُرَابًا، فَيَقُولُ الْكَافِرُ حِينَئِذٍ: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} النبأ: ٤٠. ٤/ ٢٤٨
* * *
(عَرْضُ الْأَدْيَانِ عَلَى الْعَبْدِ وَقْتَ الْمَوْتِ لَيْسَ هُوَ أَمْرًا عَامًّا لِكُلِّ أَحَدٍ)
٣٩٤ - أَمَّا عَرْضُ الْأَدْيَانِ عَلَى الْعَبْدِ وَقْتَ الْمَوْتِ فَلَيْسَ هُوَ أَمْرًا عَامًّا لِكُلِّ أَحَدٍ، وَلَا هُوَ أَيْضًا مُنْتَفِيًا عَن كُلِّ أَحَدٍ؛ بَل مِن النَّاسِ مَن تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْأَدْيَانُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَمِنْهُم مَن لَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ، وَقَد وَقَعَ ذَلِكَ لِأَقْوَامِ.
وَهَذَا كُلُّهُ مِن فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ الَّتِي أُمِرْنَا أَنْ نَسْتَعِيذَ مِنْهَا فِي صِلَاتِنَا: مِنْهَا: مَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَسْتَعِيذَ فِي صِلَاتِنَا مِن أَرْبَع: "مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِن عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِن فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِن فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ" (١).
وَلَكِنْ وَقْتُ الْمَوْتِ أَحْرَصُ مَا يَكُونُ الشَّيْطَانُ عَلَى إغْوَاءِ بَنِي آدَمَ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَاجَةِ.
(١) رواه البخاري (١٣٧٧)، ومسلم (٥٨٨).