وَكَذَلِكَ لمَّا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "وَقْتُ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ أَو إلَى الثُّلُثِ": فَهُوَ هَذَا اللَّيْلُ.
وَكَذَلِكَ الْفُقَهَاءُ إذَا أَطْلَقُوا ثُلُثَ اللَّيْلِ وَيصْفَهُ: فَهُوَ كَإِطْلَاقِهِمْ نِصْفَ النَّهَارِ.
وَهَكَذَا أَهْلُ الْحِسَابِ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَ هَذَا.
وَقَد يُقَالُ: بَل هُوَ اللَّيْلُ الْمُنْتَهِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ (١)، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "أَفْضَلُ الْقِيَامِ قِيَامُ دَاوُد، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، ويقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ" (٢)، وَالْيَوْمُ الْمُعْتَادُ الْمَشْرُوعُ وإلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ بَل إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. ٥/ ٤٧٠ - ٤٧٢
* * *
بيان قدرة الله على الحساب وسماع الداعي والنزول، دون أن يشغله شأن عن شأن
٤٦٣ - ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أَنَّهُ -سبحانه- يَنْزِلُ، وَفِي لَفْظٍ: "يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ" (٣)، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: "أقرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِن عَبْدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ" (٤).
(١) وهو الراجح -والله أعلم-؛ لِمَا ثبت عَن عَائشَةَ -رضي الله عنها-؛ أن بلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بليْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أَمِّ مَكتُومٍ، فَإنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلعَ الفَجْرُ". رواه البخاري (١٩١٨)، ومسلم (١٠٩٢).
وثبت عن ابن عمر - رضي الله عنهما -؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِن بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْل، فَكلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمَّ مَكتُومٍ"، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا أعْمَى، لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ. رواه البخاري (٦١٧).
فدل ذلك على أنّ الصبح يحين من طلوع الفجر، والليل ينتهي بطلوع الصبح كما لا يخفى.
(٢) رواه البخاري (١١٣١)، ومسلم (١١٥٩).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) رواه الترمذي (٣٥٧٩)، وقال: حسن صحيح.