وَأَمْثَالُهُ وَمَن قَبْلَهُ مِن أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ كعلقمة وَالْأَسْوَدِ: فَكَانُوا مِن أَشَدِّ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِلْمُرْجِئَةِ، وَكَانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ.
لَكِن حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ خَالَفَ سَلَفَهُ، وَاتَّبَعَهُ مَن اتَّبَعَهُ، وَدَخَلَ فِي هَذَا طَوَائِفُ مِن أهْلِ الْكُوفَةِ وَمَن بَعْدَهُمْ.
ثُمَّ إنَّ السَّلَفَ وَالْأئِمَّةَ اشْتَدَّ إنْكَارُهُم عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَبْدِيعُهُم وَتَغْلِيظُ الْقَوْلِ فِيهِمْ، وَلَمْ أَعْلَمِ أَحَدًا مِنْهُم نَطَقَ بِتَكْفِيرِهِمْ، بل هُم مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُم لَا يُكَفَّرُونَ فِي ذَلِكَ. ٧/ ٥٠٧
* * *
(أيُّهما أفضل: الْإِيمَان أو الْإِسْلَام؟ وحكم الاستثناء في الإسلام)
٥٥٥ - النَّاسُ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أ- فَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْإِسْلَامُ أَفْضَلُ، فَإِنَّهُ يَدْخُل فِيهِ الْإِيمَانُ.
ب- وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ سَوَاءٌ، وَهُم الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ، وَطَائِفَةٌ مِن أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَةِ، وَحَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَن جُمْهُورِهِمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
ت- وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْإِيمَانَ أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان.
ثُمَّ هَؤُلَاءِ (١) مِنْهُم مَن يَقُولُ: الْإِسْلَامُ مُجَرَّدُ الْقَوْلِ، وَالْأَعْمَالُ لَيْسَتْ مِن الْإِسْلَامِ.
وَالصَّحِيحُ أنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ كُلُّهَا، وَأَحْمَد إنَّمَا مَنَعَ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ: هُوَ الْكَلِمَةُ، هَكَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ.
(١) أي: أصحاب القول الثالث.