يُسْلَبُونَ الِاسْمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا يُعْطُونَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَنَقُولُ: هُوَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الْإِيمَانِ، أَو مُؤْمِنٌ عَاصٍ، أَو مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ، وَيُقَالُ: لَيْسَ بِمُؤْمِن حَقًّا، أَو لَيْسَ بِصَادِقِ الْإِيمَانِ.
وَكُلُّ كَلَامٍ أُطْلِقَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ.
وَالْأَحْكَامُ:
- مِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ فَقَطْ؛ كَجَوَازِ الْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَكَالْمُوَالَاةِ، والموارثة، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
- وَمِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ؛ كَاسْتِحْقَاقِ الْحَمْدِ، وَالثَّوَابِ، وَغُفْرَانِ السَّيِّئَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
إذَا عَرَفْت هَذِهِ الْقَاعِدَةَ: فَاَلَّذِي فِي "الصَّحِيحِ" (١) قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ".
وَالزِّيَادَةُ الَّتِي رَوَاهَا أَبُو دَاوُد (٢) وَالتِّرْمِذِي (٣) -"إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيْمَانُ كَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ"-: صَحِيحَةٌ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ .. ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ كَالظُلَّةِ": دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُفَارِقُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ فَإِنَّ الظُّلَّةَ تُظَلِّلُ صَاحِبَهَا وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ وَمُرْتَبِطَةٌ بِهِ نَوْعَ ارْتِبَاطٍ.
فَإِنَّ عَامَّةَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ يُقِرُّونَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَيُمِرُّونَهَا كَمَا جَاءَتْ، وَيَكْرَهُونَ أَنْ تُتَأَوَّلَ تَأْوِيلَاتٍ تُخْرِجُهَا عَن مَقْصُودِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَد نُقِلَ كَرَاهَةُ
(١) البخاري (٢٤٧٥).
(٢) (٤٦٩٠).
(٣) (٢٦٢٥).