وَالتَّوَكُّلُ يَتَنَاوَلُ:
أ- التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ لِيُعِينَهُ عَلَى فِعْلِ مَا أَمَرَ (١).
ب- وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ لِيُعْطِيَهُ مَا لَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ.
فَالِاسْتِعَانَةُ: تَكُونُ عَلَى الْأَعْمَالِ.
وَأَمَّا التَّوَكُّل فَأَعَمُّ مِن ذَلِكَ، وَيَكُونُ التَّوَكُّل عَلَيْهِ لِجَلْبِ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)} آل عمران: ١٧٣.
فَمَن لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ: لَمْ يَكُن مُسْتَعِينًا بِاللهِ عَلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ قَد تَرَكَ الْعِبَادَةَ وَالِاسْتِعَانَةَ عَلَيْهَا بِتَرْكِ التَّوَكُّلِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. ٨/ ١٧٧
* * *
(لا يجوز للعبد أن يَرْضَا بِكلِّ مَقْضِيٍّ مُقَدَّرٍ مِن أَفْعَالِ الْعِبَادِ حَسَنِهَا وَسَيِّئِهَا)
٦٠٤ - لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ وَلَا فِي سُنَةِ رَسُولِ اللهِ آيَةٌ وَلَا حَدِيثٌ يَأْمُرُ الْعِبَادَ أَنْ يَرْضَوْا بِكُلِّ مَقْضِيٍّ مُقَدَّرٍ مِن أَفْعَالِ الْعِبَادِ حَسَنِهَا وَسَيِّئِهَا، فَهَذَا أَصْلٌ يَجِبُ أَنْ يُعْتَنَى بِهِ، وَلَكِنْ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَرْضوْا بِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْخَطَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} النساء: ٦٥.
وينْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَرْضَا بما يُقَدِّرُهُ اللهُ عَلَيْهِ مِن الْمَصائِبِ الَّتِي لَيْسَتْ ذُنُوبًا؛ مِثْل أَنْ يَبْتَلِيَهُ بِفَقْر أَو مَرَضٍ أَو ذُلٍّ وَأَذَى الْخَلْقِ لَهُ؛ فَإِنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَصَائِبِ وَاجِبٌ.
(١) وهذا يُسمى استعانة، وهو داخل في عموم التوكل.