(يَغْلَطُ الكَثِير فِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ)
٦١٩ - يَغْلَطُ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مَيْسَرَةُ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ متى كَنْت نَبِيًّا؟ وَفِي رِوَايَةٍ -مَتَى كُتِبْت نَبِيًّا؟ قَالَ: "وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ" (١)، فَيَظُنُّونَ أَنَّ ذَاتَه وَنُبُوَّتَهُ وُجِدَتْ حِينَئِذٍ، وَهَذَا جَهْلٌ؛ فَإِنَّ اللهَ إنَّمَا نَبَّأَة عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ مِن عُمُرِهِ وَقَد قَالَ لَهُ: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} يوسف: ٣، وَقَالَ: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} الضحى: ٧.
وَمَن قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ نَبِيًّا قَبْلَ أَنْ يُوحَى إلَيْهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: أَنَّ اللهَ كَتَبَ نُبُوَّتَهُ فَأَظْهَرَهَا وَأَعْلَنَهَا بَعْدَ خَلْقِ جَسَدِ آدَمَ، وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، كَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يَكْتُبُ رِزْقَ الْمَوْلُودِ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقَاوَتَهُ وَسَعَادَتَهُ بَعْدَ خَلْقِ جَسَدِهِ وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ. ٨/ ٢٨٢ - ٢٨٣
* * *
(معنى قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ})
٦٢٠ - قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ (ن): {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨)}.
وَقَد قِيلَ فِي مَعْنَاهُ: اصْبِرْ لِمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْك.
وَقِيلَ: اصْبِرْ عَلَى أَذَاهُم لِقَضَاءِ رَبّك الَّذِي هُوَ آتٍ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} فَإِنَّ مَا فَعَلُوهُ مِن الْأَذَى هُوَ مِمَّا حُكِمَ بِهِ عَلَيْك
(١) رواه أحمد (٢٠٥٩٦).