وقوله: "ما استطعتُ"؛ أي: إنما أقومُ بذلك بحسب استطاعتي، لا بحسب ما ينبغي لك وتستحقه علي.
ثمَّ قال: "أبوء بنعمتك عليَّ؛ أي: أعترفُ بأمر كذا؛ أي: أُقِرُّ به؛ أي: فأنا معترفٌ لك بإنعامك عليَّ، وأنتَ أهلٌ لأن تُحمَد، وأستغفرك لذنوبي.
ومتى شَهِدَ العبدُ هذين الأمرين استقامتْ له العبودية، وتَرقَّى في درجاتِ
المعرفةِ والإيمان، وتصاغرتْ إليه نفسُه، وتواضَعَ لربِّه. المجموعات العليّة ١/ ٥٤ - ٥٩
* * *
(لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَنْقُلَ أَنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ أَبَا لَهَبٍ أَنْ يُصَدِّقَ بنُزُولِ {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣)})
٦٣٦ - أَمَّا تَكلِيفُ أَبِي لَهَبٍ وَغَيْرِهِ بِالْإِيمَانِ: فَهَذَا حَقٌّ وَهُوَ إذَا أُمِرَ أَنْ يُصَدِّقَ الرَّسُولَ فِي كلِّ مَا يَقُولُهُ، وَأَخْبَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُهُ؛ بَل يَمُوتُ كَافِرًا: لَمْ يَكُن هَذَا مُتَنَاقِضًا، وَلَا هُوَ مَأْمُورٌ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي كلِّ مَا بَلَّغَ، وَهَذَا التَّصْدِيقُ لَا يَصْدُرُ مِنْهُ.
فَإِذَا قِيلَ لَهُ: أَمَرْنَاكَ بِأَمْر وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَفْعَلُهُ: لَمْ يَكُن هَذَا تَكْلِيفًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.
وَهَذَا كُلُّهُ لَو قُدِّرَ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ أُسْمِعَ هَذِهِ الْآيَةَ - {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣)} المسد: ٣- وَأُمِرَ بِالتَّصْدِيقِ بِهَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.
بَل لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَنْقُلَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- إمَرَ أَبَا لَهَبٍ أَنْ يُصَدِّقَ بِنُزُولِ هَذِهِ. ٨/ ٤٧٢ - ٤٧٣
* * *
(مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ السَّبَبَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي مُسَبَّبِهِ، لَيْسَ عَلَامَةً مَحْضَةً)
٦٣٧ - مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ السَّبَبَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي مُسَبَّبِهِ، لَيْسَ عَلَامَةً مَحْضَةً، وَإِنَّمَا يَقُولُ: إنَّهُ عَلَامَةٌ مَحْضَةٌ طَائِفَةٌ مِن أَهْلِ الْكَلَامِ الَّذِينَ بَنَوْا عَلَى قَوْلِ جَهْمٍ،