٩٩٩ - الحياء مشتق من الحياة، فإنَّ القلب الحيَّ يكون صاحبه حيًّا فيه حياء يمنعه عن القبائح، فإن حياة القلب هي المانعة من القبائح التي تفسد القلب؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الحياء من الإيمان" (١)، فإن الحي يدفع ما يؤذيه، بخلاف الميت الذي لا حياة فيه فإنه يسمى وقحًا، والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالف لرطوبة الحياة، فإذا كان وقحًا يابسًا صليب الوجه لم يكن في قلبه حياة توجب حياءه. ١٠/ ١٠٩
١٠٠٠ - الْقَلْبُ السَّلِيمُ الْمَحْمُودُ هُوَ الَّذِي يُرِيدُ الْخَيْرَ لَا الشَّرَّ، وَكَمَالُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْرِفَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَأَمَّا مَن لَا يَعْرِفُ الشَّرَّ فَذَاكَ نَقْصٌّ فِيهِ لَا يُمْدَحُ بِهِ. ١٠/ ٣٠٢
١٠٠١ - الزّهْدُ النَّافِعُ الْمَشْرُوعُ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ: هُوَ الزّهْدُ فِيمَا لَا يَنْفَعُ فِي الآخِرَةِ.
وَكَذَلِكَ "الْوَرَعُ" الْمَشْرُوعُ هُوَ الْوَرَعُ عَمَّا قَد تُخَافُ عَاقِبَتُهُ، وَهُوَ مَا يُعْلَمُ تَحْرِيمُهُ وَمَا يَشُكُّ فِي تَحْرِيمِهِ، وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ مِن فِعْلِهِ -مِثْلُ مُحَرَّمٍ مُعَيَّن-، مثْلُ مَن يَتْرُكُ أَخْذَ الشُّبْهَةِ وَرَعًا مَعَ حَاجَتِهِ إلَيْهَا وَيَأْخُذُ بَدَلَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا بَيِّنًا تَحْرِيمُهُ، أَو يَتْرُكُ وَاجِبًا تَرْكُهُ أَعْظَمُ فَسَادًا مِن فِعْلِهِ مَعَ الشُّبْهَةِ، كَمَن يَكُونُ عَلَى أَبِيهِ أَو عَلَيْهِ دُيُونٌ هُوَ مُطَالَبٌ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ وَفَاءٌ إلَّا مِن مَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ فَيَتَوَرَّعُ عَنْهَا وَيَدَعُ ذِمَّتَهُ أَو ذِمَّةَ أَبِيهِ مُرْتَهِنَةً.
وَتَمَامُ "الْوَرَعِ" أَنْ يَعُمَّ (٢) الْإِنْسَانُ خَيْرَ الْخَيْرَيْنِ وَشَرَّ الشَّرَّيْنِ، وَيعْلَمَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَيمْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا.
وَإِلَّا فَمَن لَمْ يُوَازِنْ مَا فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مِن الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَفْسَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَد يَدَعُ وَاجِبَاتٍ وَيفْعَلُ مُحَرَّمَاتٍ، وَيَرَى ذَلِكَ مِن الْوَرَعِ، كَمَن يَدْعُ الْجِهَادَ مَعَ الْأُمَرَاءِ الظَّلَمَةِ وَيرَى ذَلِكَ وَرَعًا، وَيدَعُ الْجُمْعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ فِيهِمْ بِدْعَةٌ أَو فُجُورٌ، ويرَى ذَلِكَ مِن الْوَرَعِ، وَيمْتَنِعُ عَن قَبُولِ
(١) رواه البخاري (٦١١٨)، ومسلم (٣٦).
(٢) لعله: يعلم.