بِالْمُحَرَّمَاتِ كَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ، فَلَا يَتَنَازَعُونَ فِي أَنَّ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ لَا يَجُوزُ الئدَاوِي بِهِ بِحَال؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ حَالٍ.
وَلَيْسَ هَذَا كَالتَّكَلُّمِ بِهِ عِنْدَ الْإكْرَاهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ، وَالتَّكَلُّمُ بِهِ إنَّمَا يُؤَثّرُ إذَا كَانَ بِقَلْب صَاحِبِهِ، وَلَو تَكَلَّمَ بِهِ مَعَ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ بِالْإِيمَانِ لَمْ يُؤَثِّرْ. وَالشَّيْطَانُ إذَا عَرَفَ أَنَّ صَاحِبَهُ مُسْتَخِفٌّ بِالْعَزَائِمِ لَمْ يُسَاعِدْهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْمُكْرَهَ مُضْطَرٌّ إلَى التَكَلُّمِ بِهِ، وَلَا ضرُورَةَ إلَى إبْرَاءِ الْمُصَابِ بِهِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَد لَا يُؤَثِّرُ أَكْثَرَ مِمَّا يُؤَثِّرُ مَن يُعَالِجُ بِالْعَزَائِمِ فَلَا يُؤَثّرُ بَل يَزِيدُهُ شَرًّا.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِي الْحَقّ مَا يُغْنِي عَنِ الْبَاطِلِ. ١٩/ ٥٣ - ٦١
١١١٧ - سُؤَالُ الْجِنِّ وَسُؤَالُ مَن يَسْأَلُهُمْ (١): إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّصْدِيقِ لَهُم فِي كُلِّ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ وَالتَّعْظِيم لِلْمَسْؤُولِ فَهُوَ كَمَا ثَبَتَ فِي "صَحِيح مُسْلِمٍ" عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَن أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَن شَيْءٍ لَمْ تُقْبَل لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا" (٢).
وَأَمَّا إنْ كَانَ يَسْأَلُ الْمَسْؤُولَ لِيَمْتَحِنَ حَالَهُ وَيَخْتَبِرَ بَاطِنَ أَمْرِهِ وَعِنْدَهُ مَا يُمَيِّزُ بِهِ صِدْقَهُ مِن كَذِبِهِ فَهَذَا جَائِزٌ.
(١) هذا موجود بكثرة في هذا الزمان، وأعرف من اتصل بهم لعلاج مرضهم، وسؤالهم عن ماضي حالهم، وهو يعلم أنهم يتعاملون مع الجن، وهم يزعمون أنهم يتعاملون معهم في حدود الخير والنفع، ويأمرون المريض بالطاعة والعبادة، ويتدرجون به حتى يأمروه بأمور غريبة، كأن يغتسل ببوله، كما حَدَّثَنِي بذلك من تعامل معهم، وبطلبون من المريض أموالًا كثيرةً جدًّا؛ ويزعمون أنه سيُشفى، وبعد فترة من الزمن يشعر بطعم العافية، وما يلبث أن تزول ويرجع إلى ما كان أو أشدّ.
(٢) مسلم (٢٢٣٠).