وقال عطاء: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} قال: لا يقلب الورق من المصحف إلَّا المتوضئ (١).
واستدل المبيحون بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر وفيه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} آل عمران: ٦٤ الآية.
واختار الفقهاء ذلك إذا دعت ضرورة إليه وحمله عذر عليه فلا حجة فيه (٢)، وأما مسّ الصبيان إياه فلأصحابنا فيه وجهان:
أحدهما: أنَّهم يمنعون منه كالبالغين اعتباراً لهم.
والثاني: لا يُمنعون لمعنيين.
أحدهما: أنَّ الصبيَّ لو منع من ذلك أدى أن لا يتلقن القرآن ولا يتعلَّمه ولا يحفظه، لأنَّ وقف تعلمه وحفظه حال الصغر.
والثاني: أنَّ الصبيَّ وإن كانت له طهارة فليست بكاملة؛ لأنَّ النيَّة لا تصح منه، وإذا جاز أن يحمله على طهر غير كامل جاز أن يحمله محدثاً (٣) والله أعلم.
٨٠ - قوله -عز وجل-: {تَنْزِيلٌ} أي: منزل.
{مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فسمي المنزَّل: تنزيلاً على اتساع اللغة، كما
(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي ١/ ١٤٥، "روضة الطالبين" للنووي ١/ ٧٩، "مواهب الجليل" للحطاب ١/ ٣٠٣، ولم ينسبوه لعطاء.
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٢٢٧ مختصراً.
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي ١/ ١٤٥، "المهذب" للشيرازي ١/ ١٠٣، "المغني" لابن قدامة ١/ ٢٠٤.