قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة
بنت عبد الرحمن، أن أم حبيبة بنت سهل أخبرتها أنها كانت عند ثابت بن قيس بن شماس، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى صلاة الصبح، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه؛ قالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول اللَّه، لا
أنا ولا ثابت - لزوجها - فلما جاء ثابت قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هده حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر"، فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذ منها" فأخذ منها وجلست في أهلها الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: فقيل - واللَّه أعلم - في قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) الآية، أن تكون المرأة تكره الرجل، حتى تخاف ألا تقيم حدود اللَّه بأداء ما يجب عليها له، أو كثره إليه، ويكون الزوج غير مانع لها ما يجب عليه، أو أكثره، فإذا كان هذا حلت الفدية للزوج، وإذا لم يُقِم أحدهما حدود اللَّه، فليسا معاً مقيمَينِ حدود الله.
وقيل: وهكذا قول اللَّه - عز وجل -: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) الآية، إذا حل ذلك للزوج، فليس بحرام على المرأة، والمرأة في كل حال لا يحرم عليها ما أعطت من مالها، وإذا حل له لم يحرم عليها فلا جناح عليهما معاً، وهذا كلام صحيح جائز إذا اجتمعا معاً، في أن لا جناح عليهما، وقد يكون الجناح على أحدهما دون الآخر.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولا وقت في الفدية كانت أكثر مما أعطاها أو
أقل، لأن اللَّه - عز وجل يقول: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) الآية.