ولا له أن يصلِّي صلاة الخوف في خوف دون غاية الخوف، إلا أن يصلِّيها صلاة لو صلاها غير خائف أجزأت عنه.
الأم (أيضاً) : باب (صلاة الخوف)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وكان أبو حنيفة رحمه اللَّه تعالى يقول في صلاة
الخوف: يقوم الإمام، وتقوم معه طائفة، فيكبرون مع الإمام ركعة وسجدتين، ويسجدون معه، فينفتلون من غير أن يتكلموا حتى يقفوا بإزاء العدو، ثم تأتي الطائفة التي كانت بإزاء العدو، فيستقبلون التكبير، ثم يصلي بهم الإمام ركعة أخرى وسجدتين، ويسلَّم الإمام، فينفتلون هم من غير تسليم، ولا يتكلموا فيقوموا بإزاء العدو، وتأتي الأخرى فيصلون ركعة وحداناً ثم يسلمون، وذلك لقول الله عزَّ وجلَّ: (وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وإذا كان العدو بينه وبين القبلة لا حائل بينه
وبينهم ولا سترة، وحيث لا يناله النبل، وكان العدو قليلاً مأمونين وأصحابه
كثيراً، وكانوا بعيداً منه لا يقدرون في السجود على الغارة عليه، قبل أن يصيروا إلى الركوب والامتناع صلى بأصحابه كلهم، فإذا ركع ركعوا كلهم، وإذا رفع رفعوا كلهم، وإذا سجد سجدوا كلهم إلا صفاً، يكونون على رأسه قياماً، فإذا رفع رأسه من السجدتين، فاستوى قائماً أو قاعداً في مثنى، اتبعوه فسجدوا، ثم قاموا بقيامه، وقعدوا بقعوده، وهكذا صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة الحديبية
بعسفان، وخالد بن الوليد بينه وبين القبلة، وكان خالد في مائتي فارس منتبذاً من النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحراء ملساء ليس فيها جبل ولا شجر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ألف وأربعمائة، ولم يكن خالد فيما نرى يطمع بقتالهم، وإنما كان طليعة يأتي بخبرهم.