بيان ما وصفت، من أنه لا ينسخ كتاب الله إلا كتابه، كما كان المبتدئ لفرضه، فهو المزيل المُثبِتُ لما شاء منه جل ثناؤه.
ولا يكون ذلك لأحد من خلقه.
وفي كتاب اللَّه دلالة عليه: قال اللَّه: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
فأخبر اللَّه بما أن نسخ القرآن وتأخير إنزاله لا يكون إلا بقرآن مثله وقال:
(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ) الآية.
وهكذا سنة رسول الله: لا ينسخها إلا سنة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو أحدث اللَّه لرسوله في أمر سنَّ فيه غير ما سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - لسن فيما أحدث الله إليه، حتى يبين
للناس أن له سنة ناسخة للتي قبلهما مما يخالفها.
وهذا مذكور في سنته - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)
الرسالة: باب (البيان الخامس) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأقام - الله - عزَّ وجلَّ - حجته بأن كتابه عربي - في كل آية ذكرناها -، ثم أكَّد ذلك بأن نفى عنه - جل ثناؤه - كل لسان غير لسان العرب في آيتين من كتابه.