الأولى: فقال تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) .
الثانية: وقال: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فقال منهم قائل: إن في القرآن عربياً وأعجمياً.
والقرآن يدل على أن ليس من كتاب الله شيء إلا بلسان العرب، ووجد قائل هذا القول من قبل ذلك منه، تقليداً له، وتركا للمسألة له عن حجته، ومسألة غيره ممن خالفه، وبالتقليد أغفل من أغفل منهم، والله يغفر لنا ولهم.
ولعل من قال: إن في القرآن غير لسان العرب - وقُبِلَ ذلك منه - أو
ذهب إلى أن من القرآن خاصاً يجهل بعضه بعض العرب، ولسان العرب أوسع الألسنة مذهباً، وكثرها ألفاظاً، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبيٍّ، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها، حتى لا يكون موجوداً فيها من لا يعرفه، والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه.
لا نعلم رجلاً جمع السنَن فلم يذهب منها عليه شيء، فإذا جُمِع علم عامة أهل العلم بها أتِيَ على السنن، وإذا فُرِّق علم كل واحد منهم، ذهب عليه الشيء منها، ثم كان ما ذهب عليه منها موجوداً عند غيره.
وهم في العلم طبقات: منهم الجامع لأكثره وإن ذهب عليه بعضه، ومنهم
الجامع لأقل مما جمع غيره، وليس قليل ما ذهب من السنن على من جمع أكثرها دليلاً على أن يطلب علمه، عند غير طبقته من أهل العلم، بل يطلب عند نظرائه