وقد بناهُ إبراهيمُ - عليه السلام -؛ مِن أجلِ عبادةِ اللهِ وتوحيدِه، يَذْهَبونَ ويَجِيئونَ إليه في مواسمَ معلومةٍ وغيرِ معلومةٍ.
ولذا قال تعالى: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ}؛ مِن "ثَابَ يثوبُ: إذا رجَعَ"، ويلُوذونَ به مِن كلِّ سوءٍ متى ما لَحِقَ بهم مرةً بعدَ مرةٍ.
رُوِيَ هذا المعنى عن أبي العاليةِ (١)، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ في إحدى روايتَيْه (٢)، وعطاءٍ (٣)، ومجاهدٍ (٤)، والحسنِ (٥)، وعطيةَ (٦)، والربيعِ بنِ أنسٍ (٧)، والسُّدِّيِّ (٨)، وغيرِهم.
وقيل: مَجْمَعًا للناسِ؛ رُوِيَ هذا عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمةَ، وغيرِهما (٩).
مشروعيَّةُ المتابَعَةِ بين الحجِّ والعمرةِ:
وعلى التفسيرِ الأولِ: ففي الآيةِ دليلٌ على مشروعيَّةِ المتابَعَةِ بينَ الحجِّ والعمرةِ؛ وهذا المعنى مِن قولِه: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ}؛ ففي "المسندِ"، و"السننِ"، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ والذُّنُوبَ؛ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ والْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ دُونَ الجَنَّةِ) (١٠).
ورُوِيَ في "المسندِ"، عن عمرَ وعامرِ بنِ ربيعةَ، نحوُهُ (١١).
= و"ثمار القلوب" (١/ ١٦)، و"خزانة الأدب" للبغدادي (٣/ ٧).
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٢٥).
(٢) "تفسير الطبري" (٣/ ٥١٩ - ٥٢٠).
(٣) "تفسير الطبري" (٢/ ٥١٩).
(٤) "تفسير الطبري" (٢/ ٥١٨).
(٥) "تفسير الرازي" (٤/ ٤١).
(٦) "تفسير الطبري" (٢/ ٥١٩).
(٧) "تفسير الطبري" (٢/ ٥٢٠).
(٨) "تفسير الطبري" (٢/ ٥١٨).
(٩) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٢٥).
(١٠) أخرحه أحمد (٣٦٦٩) (١/ ٣٨٧)، وغيره.
(١١) أخرجه أحمد (١٦٧) (١/ ٢٥).