كان للهِ؛ فكيف وهو لغيرِ اللهِ؟ ! والفعلُ الذي يُتدينُ به لغيرِ الله، فهو كفرٌ ولو كان أصلُهُ عادةً؛ لأنَّ فاعِلَه فعَلَهُ عبادة ونَوى به العبادةَ؛ فكان شِرْكًا.
حكمُ وَسْمِ البهيمة:
ووَسْمُ البهيمةِ لِتُعرَفَ جائزٌ إلَّا في الوجهِ؛ لما روى مسلِمٌ؛ مِن حديثِ جابرٍ؛ قال: "نَهَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّرْبِ فِي الوَجْه، وَعَنِ الوَسْمِ فِي الْوَجهِ" (١).
وليس الوَسْم لِتُعرَفَ به البهيمة مما يدخُل في النهيِ هنا؛ لاختلافِ العِلَّة، ولأنَّه قُصِدَ به حِفظُ الحَقِّ وقطعُ النِّزاعِ بين الناس، وهذا مقصدٌ صحيح لا يتحقَّقُ غالبًا إلَّا بمِثلِه، ويكون بالقَدْرِ الذي لا يعذِّبُ البهيمةَ ولا يُفسِدُها.
حكمُ تغيير خَلْقِ اللهِ وأحوالُهُ:
وقولُه تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} وتغييرُ خَلْقِ اللهِ لِمخلوقاتِهِ الحيَّةِ محرَّمٌ؛ لأنه صرفٌ لها عن أصلِ فِطْرتِها التي فطَرَها عليها، فيَجعَلونَ منها مخلوقًا آخَرَ، وهذا لا يدخُل فيه إصلاحُ العيوبِ وإعادَتُها إلى قِوامِها؛ كمَن وُلدَ مِنَ البهائم أو الإنسانِ أعرَجَ أو أعمَى أوَ أصَمَّ، فيُطبَّب له فيُصلَحُ عَيْبُهُ، لأنَّه إعادةٌ له لخِلْقَتِهِ الصحيحة، لا حَرْفٌ له عن خلفتِهِ الصحيحة إلى غيرِها؛ فهو نوع ابتَلاءٍ أنزَلَه اللهُ عليه، فيُرفَعُ، كما يُتطبَّب مِنَ المرضِ معَ أنَّ اللهَ أَوْجَدَهُ، فلا يجوز كَسْرُ الصحيح، ولكن يجوزُ جَبْرُ الكَسيرِ.
وحَمَلَ السَّلَفُ تغييرَ خَلْقِ اللهِ في الآيةِ على معنيَينِ:
المعنى الأولُ: تغييرُ الخِلْقَةِ الجسَديَّة، ومنها خِصاءُ البَهائمِ ونحوه؛
(١) أخرجه مسلم (٢١١٦) (٣/ ١٦٧٣).