لا يُورِّثونَ الصِّبْيانَ ولا النِّساءَ في الجاهليَّةِ؛ فأنزَلَ اللهُ: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} النساء: ١١؛ كما رواهُ عليٌّ (١) وابنُ جُبيرٍ (٢) عن ابنِ عبَّاسٍ.
الفرقُ بين ميراثِ الذكر والأنثى:
وقد علَّق اللهُ الحكمَ بالذكورةِ والأنوثةِ مقدارًا فقَط، ولا فرقَ في أصلِ مشروعيَّةِ الإرثِ بين الذَّكَرِ والأنثى، وإنَّما الفَرْقُ في مقدارِه، ولا فرقَ بينَ الصَّغيرِ والكبيرِ في أصلِ الإرث ولا في مقدارِهِ.
وقد تقدَّمَ الكلامُ على ذلك في أوَّلِ سورةِ النِّساء، عندَ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} النساء: ٣.
ثمَّ أمَرَ الله بالعدلِ في اليتامى نفَقةً وتعاملًا وتزويجًا: {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ}.
* * *
قال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٢٨)} النساء: ١٢٨.
نزَلَتِ الآيةُ في سَوْدَةَ بنتِ زَمَعَةَ لمَّا خَشِيَتْ أن يُطلِّقَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فرَغِبَتْ في البقاءِ في عِصْمَتِه، وتَهَبُ يومَها لعائشةَ، ففعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ونزَلَت هذه الآيةُ (٣)، وأصل ذلك في "الصحيحَينِ"؛ من حديثِ عائشةَ (٤).
(١) "تفسير الطبري" (٧/ ٥٤٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٠٧٨).
(٢) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣٠٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٦٣).
(٣) أخرجه أبو داود (٢١٣٥) (٢/ ٣٤٢).
(٤) أخرجه البخاري (٢٤٥٠) (٣/ ١٣٠)، ومسلم (٣٠٢١) (٤/ ٢٣١٦).