فليس بسارقٍ؛ وإنَّما هي أمانةٌ اخْتَانَهَا (١).
حِرْزُ كلِّ شيءٍ بحَسَبِهِ:
والحِرْزُ لا وصفَ له جامعًا يشملُ جميعَ أنواعِ المالِ؛ فحِرْزُ الذهبِ غيرُ حِرْزِ الدروعِ والثياب، وحِرْزُ الدروعِ والسلاحِ غيرُ حِرْزِ المراكبِ؛ فكلُّ ما عُدَّ في العُرْفِ جرْرًا للمالِ يَحمِيه، فهو حِرْزٌ صحيحٌ يجبُ توافُرُهُ.
وقولُه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}: يُؤخَذُ مِن إطلاقِ السارقِ والسرقةِ عمومُ المالِ المسروق، ويدخُلُ فيه الثِّمارُ والحبوبُ والعُرُوضُ وغيرُ ذلك؛ ويدلُّ على هذا ويُؤكِّدُهُ فِعلُ عثمانَ؛ ففيه القطعُ في الثِّمار، وهذا الذي عليه جمهورُ العلماء، خلافًا لأبي حنيفةَ.
صفةُ القطعِ في السرقةِ:
وأمَّا صفة القطع في السرقةِ:
فإنَّه يكونُ لليدِ اليُمْنى عندَ عامَّةِ العلماء، وقد قرَأَ ابنُ مسعودٍ، فقال: "فاقطَعُوا أَيْمانَهُما" (٢)، وهي قراءةٌ تفسيريَّةٌ لبيانِ معنى الحُكْم، وهي في التلاوةِ في حُكْمِ الشاذِّ.
وهذا الذي عليه عملُ عامَّةِ السلف، وبه قَضى الخلفاءُ، خلاقًا للخوارجِ الذين يَقضونَ بقطعِ اليدِ مِن الكتفِ.
وإنْ تكرَّرتْ مِن السارقِ السرِقةُ بعدَ قطعِهِ في الأُولى، فقد اختلَفَ العلماءُ في العقوبةِ في الثانيةِ:
وأكثَرُ العلماءِ: على بقائِها حدًّا؛ وهو القطعُ.
(١) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (١٢/ ٣٢٤).
(٢) "تفسير الطبري" (٨/ ٤٠٨).