٩٠؟ ! فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْتَدِيَ بِه، فَسَجَدَهَا داوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَسَجَدَهَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - " (١).
وفيه: أنَّ ابنَ عبَّاسٍ أخَذَ بعمومِها حتى في سجودِ الآية، وفَهِمَهُ مِن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومِن ذلك: أنه قد احتَجَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقضاءِ الصلاةِ المَنْسِيَّةِ بقولِهِ تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} طه: ١٤ (٢)، مع أنَّ الخِطَابَ كان لمُوسَى.
ويؤيِّدُ هذا: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال في قضائِه في سِنِّ الرُّبَيِّع بالقِصَاص، فقال: (كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ) (٣)، ولم يُذكَرْ قِصاصُ السِّنِّ إلا في هذه الآية، وهي في بني إسرائيلَ؛ فدَلَّ على أنه أخَذَ الحُكْمَ منها.
وقد جاء في عموم القرآنِ ما يؤكِّدُ الأخذَ بالقِصَاصِ في الجراحاتِ؛ ومن ذلك قولُهُ تعالى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} البقرة: ١٩٤، وفي هذه الآيةِ قولُهُ، {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}.
وأمَّا كونُ شريعةِ الإسلامِ ناسخةً لغيرِها، فذلك في الأخذِ والاتِّباعِ؛ فلا يجوزُ تتبُّعُ الحقِّ مِن رسالةِ غيرِ محمدٍ ولا مِن غير كتابِهِ وسُنَّتِه، وأنَّ الحقَّ في الدِّين لا يُؤخَذُ إلَّا مِن وحي اللهِ المنزَّلِ عليه، وأنَّ القولَ بأنَّ شَرْعَ من قبلَنا شرعٌ لنا لا يعني تتبُّعَ كُتُبِهِمْ والتديُّنِ بها؛ وإنَّما ما ثبَتَ عندَنا من غيرِ طريقِهِمْ في المنقولِ عنهم في وَحْينا.
وما زال أكثرُ الفقهاء يَستدِلُّونَ في بعضِ المسائلِ بما ثبَتَ في الوحي عن السابقينَ؛ ومِن ذلك: استدلالُ الشافعيَّةِ على الكفالةِ بالنفسِ
(١) أخرجه البخاري (٤٨٠٧) (٦/ ١٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٧) (١/ ١٢٢)، ومسلم (٦٨٤) (١/ ٤٧٧).
(٣) أخرجه البخاري (٢٧٠٣) (٣/ ١٨٦)، ومسلم (١٦٧٥) (٣/ ١٣٠٢).