بقولِهِ تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} يوسف: ١١، واحتجاجُ الحنابلةِ: بجوازِ أنْ تكونَ المنفعةُ مهرًا مِن قولِهِ تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} القصص: ٢٧، ومِن ذلك: احتجاجُ مالكٍ بفضلِ الكَبْشِ على غيرِهِ في الأُضْحِيةِ؛ لأنَّ اللهَ فَدَى ولدَ إبراهيمَ بكَبْشٍ، ومِن ذلك: استدلالُ الجمهورِ على الجِعَالَةِ بقولِهِ تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} يوسف: ٧٢.
وقد قَضَى ابنُ عبَّاسٍ على امرأةٍ نذَرَتْ أنْ تذبَحَ ولدَها بكبشٍ؛ أخذًا مِن قصةِ إبراهيمَ (١).
وكثيرٌ من الشافعيَّةِ يقولونَ: إنَّ شرعَ مَن قبلَنا ليس شرعًا لنا ما لم يدُلَّ دليلٌ خاصٌّ على الأخذِ به؛ وهو قولُ الأشاعرةِ والمعتزِلةِ.
تساوِي أعضاءِ الجنسَيْنِ في القصاصِ:
وفي هذه الآيةِ ذكَرَ اللهُ تَسَاوِيَ أعضاءِ بني آدمَ في القِصاص، وظاهرُ الآيةِ: أنْ لا فرقَ بينَ أعضاءِ الذَّكَرِ والأُنثى، والكبيرِ والصغير، والعاقلِ والمجنون، وفي الحديثِ قال صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُون تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ)؛ رواهُ أحمدُ وأبو داودَ وابنُ ماجه (٢).
تساوي دماء الأحرارِ من الجنْسَيْنِ:
ولا خلافَ عندَ الأئمَّةِ الأربعةِ في تساوي دماءِ الأحرارِ فيما بينَهم، واختلَفُوا في بعضِ أعيانِ الأحرارِ ذكورًا وإناثًا، ويُستثنى مِن ذلك دمُ
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٥٩٠٦) (٨/ ٤٦٠).
(٢) أخرجه أحمد (٧٠١٢) (٢/ ٢١٥)، وأبو داود (٢٧٥١) (٣/ ٨٠)، وابن ماجه (٢٦٨٥) (٢/ ٨٩٥).