بالتعرَّي، تَبِعَهُ الجِيل الذي يَلِيهِ بتطبيعِ الفاحشة، وظَنُّوها في أسلافِهم؛ كما قال تعالى بعدَ آيةِ كشفِ العوراتِ: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}.
* * *
قال تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} الأعراف: ٢٩.
في هذه الآيةِ: مشروعيَّةُ استِقبالِ القِبلةِ بالوجْهِ عندَ الصلاة، وأنَّ البدنَ لا يكفي، فيُكرَهُ الالتفاتُ ولو كان البدنُ موجَّهًا إلى القِبْلةِ.
استقبالُ القبلةِ عند الدعاءِ:
وفي الآيةِ: استحبابُ استقبالِ القِبْلةِ عند الدُّعاء، وقد تَواتَرَ ذلك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ ففي مسلم، مِن حديثِ عمرَ: لمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى المُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقِبلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْه، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ... الحديثَ (١).
وفي البخاريِّ، عن ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه -؛ قال: "اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الكَعْبَةَ، فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ" (٢).
وكذلك كان يَستقل القِبْلةَ عندَ وقوفِهِ على الصَّفَا والمروةِ.
ويُستَحَبُّ أنْ يَستقبلَ المتكلِّمُ القِبْلةَ.
وأمَّا توجيهُ الوجهِ إلى القِبْلة، فمُستَحَبٌّ؛ لظاهرِ الآيةِ والأحاديث، ولو نظَرَ إلى السماء، فهو سُنَّةٌ كذلك؛ فقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ينظُرُ إلى
(١) أخرجه مسلم (١٧٦٣).
(٢) أخرجه البخاري (٣٩٦٠).